للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن أرد مزيدا من البيان فليرجع إِلى المطولات للموازنة بين تلك الآراء.

والله الموفق.

١٠٧ - ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ … ﴾ الآية.

لما قرر في الآية الله السابقة: أَنه تعالى على كل شئ قدير، ذكر هنا ما هوكالدليل على ذلك، وهو أَنه تعالى: له ملك السمؤات والأَرض، واستشهد على ذلك بعلم كل ذي علم فقال ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كما فعل هناك. فالخطاب فيه لكل من يعلم.

والعلم بذلك قدر مشترك بين المسلمين وأَهل الكتاب والمشركين.

قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (١)﴾. وفي شمول الخطاب للمعاندين، أَبلغ ود عليهم. فهو إلزام لهم بما يعلمونه.

ولكون التعميم مرادًا، ختمت الآية بقوله: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ والهمزة في: ﴿أَلَم تعْلَمْ﴾ للإِنكار والنفي، دخلت النفي. ونفى النفي إثبات. والمعنى: أنك أَيها المخاطب، تعلم علمًا يقينيا: أنه تعالى، له ملك السنوات والأرض ومن كان كذلك، فهو على كل شئِ قدير.

وإِذا ثبتت قدرتة على كل له شيءٍ بما ثبت له من ملك السموات والأرض- فهو صاحب الأمر في خلقه. فله نسخ الآية بخير منها أَو مثلها: تدرجا في الحكم، وتطويرًا له، حسب تطور حاجة البشر ومصلحتهم؛ فإِن رب الخليقة ومالك الكون، من شأْنه أن يرعى مصاحة عباده.

﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾: معطوف على الخبر، دأخل معه في حيز المعلوم للمخاطب.

و ﴿دُونِ﴾ بمعنى: غير. والولى: من يلي الاَّ مر أَو يملكه، والنصر: المعين، وجمع بينهما؛ لأَن المالك أَو ولى الأمر، قد لا يستطيع النصر، والنصر قد يكون أَجنبيا غير مالك، فأفادت الآية أَنه تعالى، اتصف با لوصفين جميعا: الملك والنصر.

والمراد: وما لكم من غير الله مالك ولا معين. فلذا يرعى مصالحكم في التشريع وغيره.

وأَتى بصيغة: فعيل في: ﴿ولى﴾ و ﴿نصير﴾ لأَنها أبلغ من فاعل، ولأن وليا أكثر استعمالا من

من والٍ.


(١) لقمان: ٢٥.