وعقَّب. ذلك، بما يدل على أن نسخ شريعتهم بالشريعة الإسلامية ليس بدعًا، بالنسبة إلى شأنه وإلى مع سائر الشرائع، فقال: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ أَي: ما نغير من شريعة من الشرائع العلومة للناس: كالتوراة والإِنجيل والزبور، أو نجعلها منسية دارسة لا علم للناس بها - كالشرائع المجهولة لنا، النازلة على بعض من قصهم الله علينا من الأَنبياء ومن لم يقصصهم علينا، نأْت بشريعَة هَة خير منها أَو مثلها، حسبما ينبغى لحال الأْمة التي شرعت لها.
وقد اقتضت الحكمة نسخ شريعتكم أيها اليهود، بشريعة الإِسلام، التي هي خير للأُمة التي كلفت بها، من شريعتكم، فلماذا تكرهون نزول الوحي على سواكم ناسخا لشريعتكم، وتلك سنة الله فى جميع الشرائع؟
ويؤول أصحاب هذا الرأي الآيات التي ظاهرها التعارض والنسخ، بحيث يبعدونها عن دائرة النسخ بمعنى تغيير الحكم.
وقد اتضح مما سبق بيانه، أن المراد بالأية عند أَصحاب هذا الرأي: الشريعة، وقد أطلقت عليها، لأَنها علامه يهتدى بها الناس في معاشهم ومعادهم.
وذلك يتفق مع المعنى اللغوى لكلمة الآية فإنها بمعنى العلامة.
رأى ثالث النسخ
ومن الباحثين من قال المراد: بالآية، المعجزة، وبنسخها، تغييرها. وعنده أَنها نزلت للرد على من اقترح أن يأتى محمَّد بمعجزة، كمجزة موسى، كما يؤذن به قوله تعالى ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾.
والمقصود من الَاية الكريمة على هذا الرأي: بيان أن معجزة النبي- ﷺ جاءَت من نوع آخر غير معجزات من سبقه وهى محققة لنبوته، ولذا ختم الآية بقوله ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي وإِذا كان الله كل كل شئ قدير، فلا يفترح عليه تعالى آيات بعينها، فلكل نبي آياته. ولكل عصر ما يلائمه، وقد أيد محمدا ﷺ بما هو كاف من المعجزأت أعظم الكفاية.