وإن أُحل لهم فعلها، وإن فعلوها فلا ينقص فعلها من ولايتهم ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، ومن هذا النص الكريم، نعلم أن الولاية ليست بالادعاء ولا بالتزيى بزى الزاهدين مظهرًا، ولا بالعقل المسلوب، واللعاب السائل ولا بالإسراف في الزهد، ولكنها بالإيمان الصادق، والطبع الصافى والاختيار الكامل حتى يتقى ربه باختيار وكسب وإرادة، أما أُولئك الذي يدعون أنهم مستغرقون في الذات العلية، وأَن التكاليف سقطت عنهم، لأنهم جذبوا إِلى حضرة الله فسقطت عنهم التكاليف، فلذلك لا يشعرون بما يصنعون من حلال ومن حرام، فهم شياطين يتخذون من هذا الزعم وسيلة لغشيان المحرمات وفعل المنكرات، وكذلك ليس من أَولياءِ الله مسلوبو العقول ولا من يلبسون المرقعات، ويحملون العصى الطويلة، ويلبسون المسابح لإيهام السذج والمغفلين أنهم من أَهل القرب والوصول، فهؤلاءِ شياطين سفاحون هاربون من السجون أو دجالون يسلبون الأموال، فاحذروهم أيها المومنون فأولياءُ الله عقلاء، أَطهار الظاهر والباطن، عرفوا بالصدق في طاعة الله، والإقبال عليها في غفلة الغافلين ويقظة المتيقظين، في غير تصنع ولا نفاق سواء أظهرت على أيديهم، الكرامات أَم لم تظهر، فأَصحاب رسول الله أَولياء الله، مع أنهم لم تظهر على أَيديهم من الكرامات إلا القليل.
وبالجملة فأَولياءَ الله تعالى هم الذين تولى الله هدايتهم فأقبلوا على عبادته والدعوة إليه، وهم الذين يذكر الله تعالى برؤيتهم، فعن سعيد بن جبير أن رسول الله ﷺ سئل مَن أَولياء الله؟ فقال:"هُمُ الَّذِينَ يُذْكَرُ اللهُ بِرُؤيَتِهِمْ" أَي بمظهرهم الصالح، ومخبرهم النقى وإِخباتهم إلى الله، وسكينتهم وتواضعهم.
لما وعد الله تعالى أولياءَه بأَنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ووصفهم بقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾. جاءت هذه الآية لتبشرهم بما يسرهم في الدارين.
والمعنى: أَن هؤلاء الأولياءَ الموصوفين بالإيمان والتقوى، لهم بشرى في الحياة الدنيا والآخرة، والمراد بالبشرى في الدنيا ما وعدوا به من الخيرات العاجلة التي ينالونها في دنياهم، كالنصر والفتح والنعم التي تدفقت عليهم من الفتوحات والغنائم، والاشتغال