القصص بأحداث هائلة مع ملك جبار ومستبد، ولأنها كانت معروفة إِجمالًا للعرب؛ لأن اليهود كانوا يعيشون بينهم، ثم بين الله ما حدث من قوم فرعون بعد ما دعاهم موسى وهارون إِلى الحق المؤيد بالمعجزات، فقال سبحانه:
﴿فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾:
أي فتعالوا عليهما وامتنعوا عن قبول دعوتهما، وكانوا معتادين الإجرام فلذا اجترءُوا على رفض دعوة الله والكفر بها، ثم فصل الله كفرهم بها نوعًا من التفصيل فقال:
٧٦ - ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾:
أَي فحين جاءَهم الحق من عندنا على لسان موسى وهارون ﵉ مؤيَّدًا بالمعجزات الباهرات، بادروا إلى ردها فورًا من غير تدبر، وقالوا إِن هذا الذي زعمتماه معجزات مؤيدة لرسالتكما، ما هو إِلا سحر واضح لا يحتاج إلى جهد في إِثبات كونه سحرًا، ثم أخبر الله برد موسى عليهم فقال:
٧٧ - ﴿قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ﴾:
أَي قال موسى منكرًا عليهم بعدما اتهموه بأَن معجزاته من قبيل السحر الواضح: أَتقولون للحق عند مجيئه إِليكم من غير تثبت ولا تفكير ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ ولم يذكر في رده عليهم جملة ﴿إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ﴾ اكتفاءً بعلمها من كلامهم السابق، ثم وبخهم على هذا الادعاءِ ودلل على فساده فقال:
﴿أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ﴾:
أَي أَسحر هذا الذي جئتكم به، وكيف يكون سحرًا وأتحداكم به وأَنا أعلم أَنه لا يفلح الساحرون فلا يفوزون بمطلوب، ولا ينجون من مكروه ولا يثبتون أمام تحدى الساحرين المتمرسين المتفوقين، كالذين ينتشرون في أَطراف مصر وأرجائها، وكيف يفلح الساحرون وهم يفترون على الله، والله لا ينصر من يفترى عليه.
ثم حكى الله مقالتهم الواهية لما عجزوا عن رد حجته عليهم فقال:
٧٨ - ﴿قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ﴾:
أي قال قوم فرعون لموسى: هروبًا مما أفحمهم به، أجئتنا بدعوى الرسالة عن الله، لتصرفنا