من شوائب النقص، فقد قال الله تعالى فيهم ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (٤٨)﴾ (١).
وفسرها بعض العلماء بقوله: ولقد همت به المرأَة ضربا - لأنه أذلها وحطَّم كبرياءها، وهم بها دفاعا عن نفسه. ولكن ما قلناه أولى، فإن حبها الشديد له وجذبها له من قميصه يمنع من أَنها تفكر في ضربه، ولهذا ترجح ما قلناه قبل ذلك، وقيل الهم منها عزم وإصرار على المعصية، ومنه مجرد خطور بالبال بمقتضى الطبيعة البشرية مع الاعتصام بالتقوى.
وسمى باسم الأول مشاكلة. ويدل لذلك أن الله تعالى مدحه بأنه من عباده المخلصين.
ولا يكون ذلك إلا مع سلامة الإرادة وقوة الوازع المتمثل في برهان ربه. وهذا ليس قادحا في العصمة. فإنه تعالى هو العاصم وقد عصمه ببرهانه، وهو الحجة التي أقامها الله في نفسه على التحريم حين المراودة منها له ولجاجتها عليه وقوة البرهان وسلطانه على إرادة الأنبياء ينتهيان دائما إلى العصمة من دواعى البشرية المحرمة، ولا شك أن الامتناع مع الخطور بالبال يدل على قوة الوازع وقوة الإرادة أكثر من الامتناع مع عدم وجوده - ومع جودة هذا الرأى فما قلناه أَولا هو أفضل الآراء. وهو ما وفقنا الله له. والله تعالى أعلم.
وقد ضربنا صفحا عما سطره بعض المفسرين من القصص الهابطة التي ذكرت في تفسير الآية. وينبو قلمنا عن تسطيرها.