للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، وغير ذلك من القبائح. فكأنه يقول لهم: بل أنتم المشركون.

١٣٦ - ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ … ﴾ الآية.

الخطاب للأمة الإسلامية جمعاء، والإيمان بالله تصديق جازم بما اختص به - سبحانه - من صفات الكمال: تصديقًا قائمًا على النظر في أسرار الكون، والانتباه إلى ما يلقاه الإنسان في حياته، من رعاية الله ولطفه، وغير ذلك من عظائم خلقه وحكمته.

﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾: وآمنا بالقرآن الذي أنزله الله إلينا، لنعمل بما كلفنا الله فيه.

﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ المراد بما أُنزل إليهم: الصحف التي أنزلها الله إلى إبراهيم، المشار إليها بقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ (١) وصح نسبه إنزالها إلى الأنبياء الثلاثة من بعده، ثم الأَسباط، مع أنها أُنزلت على إبراهيم خاصة، لأنهم مأمورون باتباعها، والتعبد بما فيها والدعوة إليها.

﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾: وآمنَّا بما أُعطي موسى وهو التوراة، وبما أُعطي عيسى وهو الإنجيل. وعطف عيسى على موسى دون تكرير الفعل، لأن عيسى جاءَ مصدقًا لما في التوراة، عاملًا بما فيها، مع نسخ أحكام يسيرة منها، كما قال تعالى: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ (٢)﴾، فكأن ما أُوتيه النبيان شيءٌ واحد.

﴿وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ وآمنا بما أُعطي النبيون جميعًا من عند ربهم، وهذا تعميم بعد تخصيص، وتخصيص المنزل إلى إبراهيم ومن تبعه، لأن من دخلوا في هذه المحاجة من اليهود والنصارى والمشركين، يدعون الانتساب إليه. وتخصيص موسى وعيسى لما مر قريبًا: من أن اليهود والنصارى، دعوا المسلمين إلى اتباع اليهودية أو المسيحية، وترك الإسلام. وقدم الإيمان بالله، لأن ما بعده متوقف عليه. وقدم: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا﴾ لأن الإيمان به واجب على وجه التفصيل، والإيمان ببقية الكتب يكفي على وجه الإجمال، ولأنه مصدق للكتب السابقة ومُهيمن عليها.


(١) الأعلى: ١٨، ١٩.
(٢) آل عمران: ٥