سَمَّاهُ وقدره لكل فرد من البشر، وهذا هو المعنى الذي عناه ابن عباس ﵄ بقوله: يمتعكم باللذات والطيبات إِلي الموت، ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ" (١) ويحكى الله ﷾ رد الأُمم الكافرة على دعوة رسلهم إِياهم إِلى الإِيمان فيقول:
(قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا): أَي قالوا عُتُوًّا وعنادا ومكابرة: ما أَنتم إِلا بشر مثلنا في الصورة والهيئة، فلا فضل لكم علينا يؤَهلكم للرسالة التي تدعونها، وتريدون بها أَن تمنعونا عن آلهتنا التي كان يعبدها آباؤُنا فإِن كنتم رسلا من عند الله كما ادعيم:
(فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ): أَي فأْتونا ببرهان ذى سلطان بَيِّن واضح، يدل دلالة قاطعة على استحقاقكم لمرتبة الرسالة وصحة ما تدعوننا إِليه، حتى نترك عبادة آلهتنا التي وجدنا عليها آباءَنَا.
لقد جاءَهم الرسل بالآيات والمعجزات التي تخر لها صم الجبال، ولكن القوم زعموا أَن كل ما جاءَتهم به الرسل معجزات ليس من جنس السلطان المبين الذي يقترحونه، وهكذا كانوا يجادلون في الحق بعد ما تبين لهم. ثم يحكى الله ﷾ جواب الرسل لأَقوامهم فيقول:
١١ - (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ … ) الآية. أَي قالت الرسل لأُممهم: ما نحن إِلا بشر مثلكم كما قلتم، ولكن الله ينعم على من يشاءُ من عباده، فيصطفيهم لرسالته، يختصهم بها بمحض فضله وامتنانه، لا بحسب ولا نسبٍ ولا باجتهاد منهم في العبادة!