﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ إيراد وصفي: ﴿السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ بعد وعد الله نبيه بالنصر في قوله: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ﴾ إنما يشعر: بأنه محيط بمكرهم ومحبطه، فلن يأخذوا رسوله على غرة.
١٣٨ - ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ … ﴾ الآية.
صِبْغَةَ مصدر مؤكد لفعل من معناه وهو قوله السابق: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ وكأنهم قالوا: صبغنا الله صبغته.
والصبغة: الحالة التي يكون عليها الصبغ، عبر بها عن الإيمان على الوجه الذي مضى في الآيات، لأنه يظهر أثره على المؤمن، ظهور لون الصبغ على المصبوغ، ويتداخل في قلوبهم، تداخله في نسيج الثوب.
فالكلام من الصور البلاغية على سبيل الاستعارة.
ويجوز أن تكون فيه مشاكلة تقديرية لما يصنعه النصارى، من صبغهم أولادهم بماءٍ أصفر يسمونه المعمودية، يزعمون أنه يطهر المولود.
والمراد من الآية على هذا: أن دين الله الإسلام، هو الذي يطهر من الآثام دون سواه. و (مَنْ) في قوله: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً﴾ للاستفهام الإنكاري، فهي بمعنى النفي.
والتفضيل في المعنى جار بين صبغة الله وصبغة غيره، لا بينه - تعالى - وبين غيره في الصبغة، والمعنى: لا صبغة أحسن من صبغة الله، أي لا دين أحسن من دين الله، الذي جاء به محمد ﷺ وكما أنه لا دين أحسن من دينه، فلا دين يساويه في الحسن أيضًا. فإنه لا يوجد حسن في غيره من الأديان، بعد أن تجاوزت الحق في شأنه وشأن رسوله كما مر في الآيات.
وهذا الأسلوب - وإن كان في ظاهره نفي الدين الأحسن من دين الله - فإنه في الاستعمال العربي، نفي لما يساويه في الحسن أيضًا، فأَفعل التفضيل فيه على غير بابه.
﴿وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾ أي: ونحن - لله الذي أعطانا هذه النعمة - عابدون، شكرًا له عليها وعلى سائر نعمه.