(وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ): أَي أَنزلوا أَهلهم واللائذين بهم دار الهلاك، بما قادوهم إِليه من شرك وضلال، وعن ابن عباس أَنهم قادة قريش وعن عمر وعلي أَنهم أَشد قريش فجورًا، وهم بنو المغيرة وبنو أُمية.
والتعبير عن الهلاك بالبوار أَن أَصله كما قال الراغب: فرط الكساد لأَنه يفضى إِلى الفساد المؤدى إِلى الهلاك.
ولم تتعرض الآية للنص على حلولهم أَنفسهم دار البوار. لأَن إحلال قومهم فيها فرع لحلولهم إِذ هم رأْس الشرك ودعاة الضلال، كما قال تعالى في شأْن فرعون:"يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ".
ثم بين الله دار البوار بعد إِبهامها فقال جل شأنه:(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا): أَي أَن دار الهلاك هي جهم التي يدخلونها ويخلدون فيها. ولا ريب أَن في البيان بعد الإِبهام من التهويل والتخويف ما لا يخفى حيث تذهب النفس في رسم صورتها المفزعة كل مذهب.
(وَبِئْسَ الْقَرَارُ): أَي بئس المقر جهنم الذي جعلوه مكانًا لقومهم تبعًا لهم، فليس له ما يضارعه في أَهواله ولا فيما يذم به لسوءِ حاله، أَو بئس القرار قرارهم فيها، وفي التعبير بالقرار إِشعار بأَن حلولهم فيها وصُلِيَّهم إِيَّاها على سبيل الدوام والاستمرار.
هذه الآية تعجيب مما اقترفوه كالتى قبلها. حيث جعلوا لله الواحد الأَحد الذي ليس كمثله شيءٌ أَمثالًا في التسمية أَو في العبادة. وهي الأَصنام والأوثان. جعلوها آلهة في اعتقادهم وحكمهم.
(لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ): أَي لإِضلال قومهم الذين يدينون بالولاءِ لهم -لإِضلالهم- عن سبيل الله وهو التوحيد، بما زينوه لهم من شرك وافتراءٍ (قُلْ): يا محمد لهؤلاءِ المشركين تهديدًا لهم ووعيدا: (تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ):
أَي تمتعوا بما أَنتم عليه من الشهوات التي تماديتم فيها، ومن جملتها تبديل نعمة الله كفرًا. وإِضلال الأتباع، وسمى عملهم هذا تمتعًا تشبيها له بالمشتهيات المعروفة لتلذذهم به كتلذذهم