للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذاتها قبيحة ضارة فتكون حرامًا دائمًا وإما أن تكون حسنة نافعة فتكون حلالًا دائما، فلا يتغير حكمها بتغير المكان.

والصواب: ما قاله الطبرى في معنى الآية وهو أَن السكر ما يطعمُ من طعام النخيل والأعناب ويحل شربه من ثمارها، وهو الرزق الحسن، فاللفظ مختلف والمعنى واحد مثل: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ فالبث والحزن بمعنى واحد، وبهذا قال أبو عبيدة، حيثَ قال: السكر الطُّعم. يقال: هذا سَكَرٌ لك: أي طُعمٌ.

وقال آخر - كما نقله القرطبي - السكر العصير الحلو الحلال، وسمى سكرًا لأنه قد يصير مسكرًا (١) إذا بقى، فإذا بلغ الإسكار حُرِّم - قلت وقد جمع صاحب القاموس بعض ما تستعمل فيه كلمة السَّكر من هذه المعاني وغيرها فقال. والسَّكرُ - محركة - الخمر ونبيذ يتخذ من التمر ونحوه، وكل ما يسكر وما حرم من ثمرةٍ، والخل والطعام والامتلاءُ والغضب والغيظ: اهـ بتصرف.

وبما أن الآية للامتنان فالأنسب بمعنى السكر فيها ما يحل من طعام النخل والعنب وشرابهما وإِليك فيما يلي المعنى الإجمالي للآية الكريمة:

ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتخذون منه عصيرًا حلوا حلالًا، ورزقًا حسنًا منحكم الله إياه منهما، من رطب وتَمْر وعنب وزبيب، وغير ذلك من الأطعمة والأشربة، كالبسر والدبس (٢)، والخل وأَصناف الحلوى .. التي تصنع منهما إن في ذلك لعلامة باهرة على قدرة الله ووحدانيته وكرمه وفضله، وهذه الآية والعلامة على ما ذكر موجهة لقوم يستعملون عقولهم فيدركون أنه لا إله سواه، ولا يستحق العبادة غيره.


(١) هكذا قيل، ولكننا نقول: لماذا لا تكون تسميته سكرًا أخذًا من السكر (بتشديد السين المضمومة وتشديد الكاف المفتوحة) فإن أخذه منه يناسب كونه بمعنى العصير الحلو الحلال، أما تعليل التسمية بأنه قد يصير سكرا، فإنه لا يناسب المقام.
(٢) الدبس (بكسر الدال المشددة): عسل التمر - من القاموس.