والسلامة فقال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ أي التزموا الوفاء بكل عهد وبيعة لله تعالى، ويدخل فيها البيعة على الإِسلام، والنصرة لرسول الله ﷺ وقوله سبحانه: ﴿إِذَا عَاهَدْتُمْ﴾ بعد قوله: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ لتأكيد وجوب التزامهم بالوفاء، وذلك بتذكيرهم بأن هذا العهد قطعُوه على أنفسهم برغبة منهم واختيار.
﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾: أي لا تحنثوا في الأيمان التي تحلفون بها عند البيعة وغيرها، ولا سيما الأيمان التي أَكدتموها بتكرارها وتنويعها.
﴿وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾: أَي رقيبًا يتكفل بوفائكم، حينما تعاقدتم، فلا سبيل لكم إِلى نقض العهد والحنث في الأيمان لأن الكفيل مراع لحال المكفول مهيمن عليه، فلا يستطيع الإفلات من قبضته، فكيف إِذا كان هذا الكفيل، هو الله الذي بيده مقاليد السماوات والأرض يعاقب الغادرين، ويثيب الأوفياء.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾: من نقض المواثيق والعهود أَو الوفاء بها، وفي هذه الجملة تعليل للنهي عن نقض الأيمان، مشعر بالوعد على الوفاء والوعيد على الغدر.
أي ولا تكونوا في نقضكم لما تعقدون من عهود كالمرأَة الحمقاء التي كانت تغزل غزلها قويا متماسكًا ثم تنقضه من بعد ما أحكمته، تنقضه أنكاثًا أي طاقات، وذلك بفك أجزائه بعضها من بعض ونفشه لتعاود غزله وتلك حماقة لا تعدلها حماقة، ويراد من هذا التشبيه تقبيح حال النقض للعهد، بتمثيل الناقض له بحال هذه المرأة المعتوهة في أخس أحوالها، تنفيرًا منه وتقبيحًا له. حيث جعل في عداد حمقى النساء، والكلام من باب ضرب المثل، ولم يقصد به امرأَة معينة، كما قاله مجاهد وقتادة.
﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ﴾: الدخل في اللغة ما دخل في الشيء وليس منه، والمراد به هنا الغش والخديعة والمعنى: لا تكونوا في نقضكم للعهود مشابهين للمرأة التي سبق بيان شأنها، حال كونكم متخذين أيمانكم التي حنثتم فيها خديعة ومفسدة حيث جعلتموها وسيلة للغدر وعدم الوفاء وكان من حقها عليكم أَن تكون سبيلا إِلى أن تلتزموا بما عاهدتم الله عليه، والجملة مستأنفة على سبيل الاستفهام الإنكارى تقديرا. أي أتتخذون إيمانكم دخلا بينكم بمعنى لا ينبغي أَن يقع ذلك م