والمعنى: احذروا هذه الأيمان الكاذبة لئلا تحيد قدم عن سبيل الإِسلام بعد رسوخها فيه، وإفراد القدم وتنكيرها للإِشعار بأَن زلل أي قدم ذنب عظيم وإثم كبير، فكيف بالأقدام الكثيرة. وهو مثل يضرب لكل من كان على الطريق المستقيم فجانبه.
﴿وَتَذُوقُوا السُّوءَ﴾: إلى ما يسوءُكم من العذاب الدنيوى ومختلف المكاره.
﴿بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾: بسبب إعراضكم عن دين الله وعدم الاهتمام بتعاليمه، أو بما تسببتم فيه من صد غيركم عن هذا الدين، لأَن الكافر إذا رأى المؤْمن قد عاهد ثم غدر أَو حلف فحنث أو نقض عهد رسول الله وارتد. لم يبق له وثوق بدين، وكان داعيا له إلى شدة الإعراض عن الإسلام.
﴿وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾: أي ولكم في الآخرة عذاب لا يعلم مداه ولا يحيط بقدره إلا الله جل شأنه. لقاء ما اقترفتم من كبائر وسيئات.
٩٥ - ﴿وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ … ﴾:
قيل المراد من عهد الله، بيعة رسوله ﷺ على الإيمان أو هو الآيات الداعية إلى إيجاب المحافظة على العهود والأيمان.
والمعنى: لا تستبدلوا به ولا تعتاضوا عنه. ﴿ثَمَنًا قَلِيلًا﴾: أي تأخذوا بمقابل عهده سبحانه عرض الدنيا وزينتها، فإن هذا العرض مهما كثر في موازينكم فإِنه يكون ضئيلا بالنسبة إلى عطاء الله. أو هو عرض يسير في واقعه وحقيقته فلا يحل لأحد أن يتناوله، ويتخلى عن عهد الله الذي يجب الوفاءُ به، ويستحق الوفيُّ به عند الله أجرًا عظيمًا أَما عرض الحياة الدنيا فهو قليل وزائِل كما قال تعالى: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى﴾. ويشار بالثمن القليل القليل إلى ما كانت تعد به قريش ضعفاء المسلمين للارتداد عن الإِسلام، وقال ابن عطية: هذا نهْىٌ عن الرشا وأخذ الأموال على ترك ما يجب على الآخذ فعله. أو فعل ما يجب عليه تركه، وعلى ذلك فالمراد بعهد الله ما يعم ما سبق وغيره.
﴿إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ﴾: أي إِن الذي عند الله من نصر وتوفيق وثواب أخروى دائم.