البشر، وليهديهم إلى سبيل الرشاد، ويبشرهم بحسن الجزاء وكريم اللقاء، وفيه دليل على أن أَضداد الصفات المذكورة للمفترين من الكفار، فلهم خزي الدنيا وعذاب النار.
وإطلاق روح القدس على جبريل ﵇؛ لأنه ينزل بالقدس أي الطهر من الله، والمراد به الوحى الذى يطهر النفوس من الجهل والإثم، وقيل لطهره من الأدناس البشرية، فهُو من إِضافة الموصوف إلى صفته، فكأنه قيل: نزله الروح المقدس .. أي المطهر - كما يقال: حاتم الجود .. أي حاتم ذو الجود.
رد من الله سبحانه لفرية خبيثة أثارها كفار مكة حول محمد ﷺ. حيث قالوا: إنه لا يعلمه هذا القرآن إلا بشر نعرفه، يريدون به غلامًا أعجميا كان يقرأ التوراة والإِنجيل ورأَى فيهما أَوصاف النبي ﷺ، فأسلم وحسن إسلامه بعد أَن تحقق من صفات النبوة فيه. ولقد كذبهم الله تعالى في زعمهم هذا بقوله جل شأنه:
﴿لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ﴾: أَي كلام الرجل الذي ينسبون إِليه تعليم الرسول، ويُميلون إليه فريتهم ما هو إِلا كلام أعجمي لا يفهمه عربي.
﴿وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾: أي وهذا القرآن الذي تدعون أن الرسول ﷺ تعلمه من أعجمي، إنما هو كلامٌ عربي بلغ القمة في البيان والفصاحة والبلاغة، حتى عجزت العرب عن محاكاته، وهم على ما هم عليه بلاغة وفصاحة وقوة بيان، وعذوبة لفظ، وسلامة قول: بل لو اجتمعت الإِنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لاستبان عجزهم، وظهر قصورهم، ولو كان بعضهم لبعض نصيرًا ومعينًا، فكيف تجعلونه من تعليم بشر أعجمي، وهو لا يمكن أن يصدر إلا عن واهب القوى والقدر جل وعلا.