والمعنى: إن الذين لا يؤْمنون بآيات القرآن ولا يصدقون بأنها آيات الله وينسبونها تارة إلى الكذب والافتراء، وأخرى إلى أنها مُعلمة من بشر ﴿لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ﴾: أي لا يوفقهم إلى طريق النجاة، لعلمه سبحانه أنهم ليسوا أهلا لذلك، لسوء حالهم التابع لسوء اختيارهم.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: في الآخرة لكفرهم بآيات الله، وإعراضهم عن هداه.
ردّ لقولهم إنما يعلمه بشر، ببيان أن الذين ينسبون الافتراء والكذب إلى رسول الله ما هم إلا الذين اعتادوا الكفر بآيات الله وحججه الدالة على وحدانيته، فلا غرابة في تكذيبهم رسول الله المؤيد بآياته الواضحة في القرآن العظيم الذي أعجز … الجن والإنس، وظهر لهم عجزهم عن الإتيان بسورة مثله، وثبت بذلك أَنه منزل من عند الله، فهم بإنكارهم هذه الحقيقة يفترون على الله الكذب، حيث زعموا أَن ما هو كلام الله مفترى عليه، ولا يجرؤُ على افتراء الكذب وقلب الحقائق إِلا الكافرون الذين اعتادوا على تكذيب آيات الله وبراهينه أمثالهم. ويصح أن يكون المعنى: ما يفتري الكذب وينسبه إلى الله إلا الذين لا يصدقون بالبراهين والآيات الدالة عليه سبحانه، ومحمد ﷺ ليس منهم، فهو أكمل الناس علمًا بربه، وإيمانا بآياته الدالة عليه، وقد عرفتموه بينكم ودعوتموه بالصادق الأمين، فكيف يفترى الكذب على الله، كما نسبتموه إليه زورا وبهتانا.
﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾: أي أولئك الموصوفون بعدم الإيمان بآيات الله، هم المتناهون في الكذب، إذ لا كذب أشنع من تكذيب آيات الله والطعن فيها، مع وضوح أنها آياته وبراهينه ﷾.