للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ}: أي فوجب عليها القول، أي فوجب عليها الوعيد بالعذاب.

{فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}: التدمير: الإهلاك مع طمس الأثر وهدم البناء.

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا}: كم خبرية للتكثير أَي وكثيرا أَهلكنا.

{مِنَ الْقُرُونِ}: جمع قرن وهو من الزمان مائة سنة، والمراد من القرون أَهلها.

التفسير

١٦ - {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}:

بينت الآية السابقة أن عاقبة الهدى لا تعود إلا على المهتدي، وعاقبة الضلال لا تتعدى صاحب الضلال، فلا تحمل نفس وزر نفس أخرى كما لا تثاب نفس فاسقة بطاعة نفس أخرى وأنه تعالى لا يعذب أمة حتى يبعث إليها رسولا ينصحها ويرشدها فتستمر على ضلالها وجاءت هذه الآية لتؤَكد سابقتها، ببيان أَن الله تعالى جرت سنته أن لا يهلك قرية بعد بعث الرسول إِليها، حتى يأمر رؤساءها بطاعته ليستقيم أمر العامة فيها، فإذا لم تستجب دمرها تدميرا.

والمعنى: إذا شئنا إهلاك قرية أعرضت عن رسولها، فإننا لا نكتفي بما علمناه أَزلا من انطماس بصيرة أهلها وجحودهم، ولا بمقابلة رسولهم بالتكذيب والكفر، بل نخص المترفين فيها بتكرار أَمرهم بطاعة ربهم، لأنهم أئمة الضلال وسبب فساد العامة، ولكى تسقط حجتهم يوم حساب ربهم، فاستمر فسقهم فيها ومن ورائهم عامتهم، فحق عليها وعيد ربهم بعذاب الاستئصال الدنيوى، فدمرها الله تدميرا هائلا، حيث أهلك أولئك الفاسقين المتمردين واستأصلهم بما شاءه الله من أَسباب الاستئصال، فصارت قريتهم بعدهم خرابًا، وانطمست معالمها.

[رأى الزمخشري]

يرى الزمخشري أَن الآية فيها استعارة تمثيلية، وخلاصة المعنى عليها: وإذا أردنا أن نهلك قرية كفر أهلها وعصوا وأصروا علي ذلك، أَمددناهم بالنعم وأترفناهم في الحياة،

<<  <  ج: ص:  >  >>