للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليس عليكم إِلا أن تتخذوا للرزق أسبابه التي يسرها الخالق - سبحانه، واعلموا أن أولادكم الذين تتوهمون أنهم مُنْتقصون من أرزاقكم إنما يرزقهم الله معكم لا تبعًا لكم، فمن الهمة القاصرة والعزيمة الخائرة أَن يستبد بكم هذا الوهم، فتقدموا على فعلتكم الشنعاء هذه.

وفي هذه الآية قدم ضمير الأولاد في منح الرزق على ضمير المخاطبين إذ قال: ﴿نَحْنُ نَرْزُقهُم وَإياكُم﴾ ليبين للآباء أن رزق الأولاد محل عناية واهتمام من الله تعالى فليس هناك داع - إذًا - للإشفاق والخوف من وقوع الفقر، وقدم ضميره الآباء في سورة الأنعام في قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَرْزُقهُم وَإياكُم﴾ للمبادرة بطمأنة الآباء على أَرزاقهم وأنها واصلة إِليهم لا محالة فلا موجب لقتلهم أولادهم - وفي التعبير بلفظ كان في قوله تعالى: ﴿إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ إيذان بأن هذا الفعل الأثيم كانت تأباه كل الفطر السليمة وترفضه الطبائع الكريمة وجميع شرائع الله التي أَنزلها على أنبيائه عن قبل، فهي شريعة موروثة، فكيف ساغ لهم الإقدام على قتلهم.

٣٢ - ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾:

وبعد أن نهى - سبحانه - فيما سبق عن قتل الآباء أولادَهم، وبين أن قتلهم هو جرم فاحش وذنب كبير، حذر في هذه الآية من الدنو من الزني، وبين أنه كان في عرف الناس وشريعة الله فعلة ظاهرة الفحش، وساء طريقا في الحياة، والتحذير من القرب من الزنى تحذير من مباشرة دواعيه وأسبابه، ولهذا أمر كلا من المؤمنين والمؤْمنات بغض البصر فالنظرة الآثمة سهم من سهام إبليس وهي بداية كل شر، كما نهى ومنع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية؛ لأن الشيطان يجيد السفارة فيها، فيوسوس لكل منهما، ويزين الشر ويأمر بالفحشاء، وفي الأثر: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" كما نهى سبحانه أَن تبدى المرأة زينتها لرجل لا يحل له. ذلك منها، فإن فعل ذلك يحرك الرغبة الآثمة بينهما ويدعو إلى الفجور.