للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل المراد بالصلاة في قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ صلاة المغرب، ويكون معنى دلوك الشمس غروبها وغسق الليل ظلمته، باختفاء الشفق فيكون آخر وقت صلاتها أَداء.

﴿إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار حينما يتعاقبون، والمراد بهم الكتبة، وقد روى الترمذي عن أَبي هريرة عن النبي في قوله: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ قال: "تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار حديث صحيح، وأَخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "يَتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر" وقيل تشهده كثرة من المصلين عادة أو من حقه ذلك، أَو تشهده وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة، واليقظة بالنوم وهو أَخو الموت، وإظهار لفظ القرآن في مقام الإِضمار لمزيد الاهتمام به.

٧٩ - ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ (١) … ﴾ الآية.

التهجد التيقظ بعد النوم، والمقصود بالتهجد هنا الصلاة ليلا بعد النوم، والضمير في قوله: ﴿فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ يعود على القرآن، أَي فتهجد بالقرآن وصل مُتَلبسًا بقراءته بعد الفاتحة، وذلك بعد قيامك من النوم ليلًا، ويستدل بذلك على تطويل القراءة في التهجد ويجوز عود الضمير على الليل. والباءُ بمعنى في. أي: وبعض الليل وفتهجد فيه.

﴿نَافِلَةً لَكَ﴾: فريضة زائدة على المفروض على الأمة. خاصة بك فالخطاب فيه للنبي ، وقيل كانت في الابتداءِ واجبة عليه وعلى الأمة ثم نسخ الوجوب وصار الأَمر فيها للندب، فهو إِذا تطوع بما ليس بواجب عليه، كان ذلك زيادة له في الدرجات. أَما غيره من الأمة فتطوعه لجبر نقص ولتدارك خلل يقع في الفرض أَو لتكفير ذنب يلم به أَو لزيادة ثواب. قال معناه مجاهد وغيره.

﴿عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾: أَي وبعض الليل فتهجد فيه لتكون على رجاء أن يبلغك ربك إِلى كمالك الذي أنت أهل له في الدار الآخرة. فيقيمك في مقام محمود عند نفسك وعند الناسِ أجمعين. وذلك هو مقام الشفاعة العظمى في فصل


(١) الهجود: النوم، والتهجد إزالة الهجود بالتيقظ من ال