روى الشيخان وغيرها عن ابن عباس ﵄ قال: نزلت هذه الآية ورسول الله ﷺ مخْتَف بمكة، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فقال الله تعالى لنبيه ﷺ: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ﴾ أي بقراءتك، فيسمع المشركون فيسُبوا القرآن ﴿وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾: عن أصحابك فلا تسمعهم حتى يأخذوا عنك.
﴿وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾: بقول بين الجهر والمخافتة. اهـ.
والمراد بالصلاة القراءة التي هي أَحد أركانها. والظاهر أَن المراد بالقراءة ما يعم البسملة وغيرها. ويروى أَن أَبا بكر ﵁ كان إذا صلى بالليل خفض صوته جدا ويقول: أناجى ربي وقد علم حاجتى؛ وكان عمر ﵁ إذا صلى من الليل رفع صوته جدًا ويقول: أَطرد الشيطان وأوقظ الوسنان. فلما أَنزل الله هذه الآية قال النبي ﷺ لأبي بكر: ارفع من صوتك شيئًا، وقال لعمر أخفض من صوتك شيئًا فالقراءة بين المخافتة والجهر هي الوسط، وخير الأمور أَوسطها، ومن الأحكام العامة لدى الخاصة والعامة: الجهرُ في ركعتى الفجر والجمعة والعيدين، وفي الركعتين الأوليين من المغرب والعشاء. ولا ريب أَن الجهر في هذه الصلوات من الشعائر المتواترة في الشريعة الإِسلامية.