للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الصلاة هنا بمعنى الدعاء: لما أَخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت: "إنما نزلت هذه الآية: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ في الدعاءَ".

ومعروف أَن الصلاة في أَصل اللغة هي الدعاءُ.

ولما أَثبث سبحانه الأسماء الحسنى لذاته الكريمة نزه ذاته عن النقائص، فقال:

١١١ - ﴿وقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا … ﴾ الآية.

وهي رد لمزاعم اليهود والنصارى وبنى مُليح من كفار العرب، إِذ قالوا عزير ابن الله! والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله؛ سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.

ونفيُ اتخاذ الولد ظاهر في نفى التبني، ويعلم منه نفى ولد الصلب عنه سبحانه من باب أَولى. وقد نفى ذلك صريحا في قوله سبحانه: ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ (١) وقوله ﷿ ﴿أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ﴾؟ (٢).

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾: فكيف يتخذ المشركون معه آلهة يعبدونها، مع اعتقادهم أنه هو الذي خلق هذا الملك العظيم وحده، ودبره بحكمته، دون سواه، كما حكى الله عنهم، يقول سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (٣).

﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ﴾: أَي ليس له سبحانه ناصر يحميه من الذل؛ لأنه سبحانه عزيز بنفسه؛ فليس بحاجة إِلى أن يوالى أَحدا أو يخالفه، من أجل مَذلَّةٍ به، ليدفعها عنه.

وفي حمده تعالى على هذا التنزيه إِيذان بأن المستحق للحمد العظيم، مَن هذه صفاته دون غيره، ولذا عطف على الأمر بحمده الأمر بتكبيره فقال:

﴿وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾: أَي وعظمه تعظيما بليغا مؤَكدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه.

والتكبير، أبلغ كلمة للعرب في معنى التعظيم والإجلال.


(١) سورة الإخلاص، من الآية: ٣
(٢) سورة الأنعام، من الآية: ١٠١
(٣) سورة الزمر، من الآية: ٣٨