أَجاب موسى ربه فقال: هي عصاى. وبهذا تم الجواب ولكنه ﵇ أحب المزيد من مكالمة ربه، استئناسًا به، وفرحًا بمناجاته، فاغتنم الفرصة لذلك في مقام البسط، وذكر من منافعها أنه يعتمد عليها عند الإعياء أَو الوقوف في رأس القطيع.
﴿وَأَهُشُّ بِهَا﴾: أَي أَضرب بها ورق الشجر فيسقط على غنمى فتأكله، ثم إنه ﵇ أجمل بقية منافع عصاه فقال:
﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾: أي حاجات ومصالح أخر، وذلك مثل ما قيل: إنه ﵇ كان إذا سار أَلقاها على عاتقه فعلق بها أدواته من القوس، والكنانة والمخلاة والثوب ونحوها، وإِذا كان في البريّة ركَزها وألقى عليها الكساء واستظل به، وإذا قصر الرشاءُ عن الاستقاء وصله بها، وإِذا تعرضت غنمه للسباع قاتل بها، هذا بعض ما قيل في تلك المآب، والله أَعلم بها.
قال ابن كثير: وقد تكلف بعضهم ليذكر شيئًا من تلك المآرب التي أَبهمت، فقيل: كانت تضئُ له بالليل وتحرس له الغنم إِذا نام، ويغرسها فتصير شجرة تظله، وغير ذلك من الأُمور الخارقة للعادة، والظاهر أَنها لم تكن كذلك، ولو كانت كذلك لما استنكر موسى ﵇ صيرورتها ثعبانًا، فما كان يفر منها، ولكن كل ذلك من الأَخبار الإسرائيلية، وكذا قول بعضهم: إنها كانت لآدم ﵊، وقول الآخر: إنها هي الدابة التي تخرج قبل يوم القيامة!!
١٩ - ﴿قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى … ﴾:
أَمره تعالى بإلقاء العصا على الأرض ليريه من شأنها ما لم يخطر له على بال، وليكون إلقاؤها قبل لقاء السحرة تمهيدًا لما يظهره الله تعالى على يد موسى وأَخيه من المعجزات، مع الطمأنينة ورباطة الجأش.