الذي هو من شيعته على القبطى الذي هو عدوه، وكان القبطى باغيًا على الإِسرائيلى متشبثًا به، فلما لم يرضخ لوساطة موسى بينهما، وكزهُ بيده، أَي ضربه أَو دفعه، فقضى عليه، ولم يكن موسى يقصد قتله، بل تأْديبه، ولعله كان به مرض قلبى لم يحتمل معه تلك الوكزة، فمات منها أَو عندها، وقد جاءَ في الصحيحين أَن قتله كان خطأ ولم يكن عمدًا.
والمعنى: وقتلت رجلا من أَقباط مصر على سبيل الخطإِ، حيث كان باغيا على رجل من بني إِسرائيل، فضربته فمات، فأَصابك الغم والحزن بسبب قتله، لما يترتب عليه من غضب فرعون عليك، أو اقتصاصه منك، وخشية أَن نغضب نحن عليك من أَجل قتله، فنجَّيناك من هذا الغم بغفران ما حدث منك بعد ما قلت: ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي﴾ ونجيناك من نقمة فرعون بالهجرة إِلى مدين، وابتليناك بالشدائد ابتلاءً شديدًا وأَنت في طريقك إِلى مدين، فرارًا من نقمة عدوك لتعتاد الشدائد والصبر عليها تمهيدًا لتحصل أَعباءِ الرسالةِ.
٤٠، ٤١ - ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (٤٠) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾: أَي ثم جئت من مدين على الموعد الذي قدَّرت إِرسالك فيه، واخترتك لوحى رسالتى.
﴿وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾: ولا تفْتُرا في تبليغ رسالتي، تقول وَنَيْتُ في الأَمر أني فيه ونَّى وونْيًا، أَي تباطأت وفترت فيه، ويطلق الونْى أَيضا على الضعف، والكلال، والإعياء.
﴿إِنَّهُ طَغَى﴾: إِنه تجاوز الحد في الظلم والجبروت والغرور.