للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٧٣ - ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ...... ﴾ الآية.

بيَّن الله في هذه الآية: ما حرمه علينا من المطعومات، لأسباب تقتضيها.

وأول هذه المحرمات: ﴿الْمَيْتة﴾، فإذا ماتت بهيمة - سواء أكانت تحل مذبوحة، كالبقرة والشاة والطير، أم لا تحل كالخنزير - حرم أَكلها، مهما كان سبب موتها، فسواء في التحريم: أن تموت بمرض أو بغيره.

وحكمة التحريم في الموت بالمرض: ظاهرة، وفي الموت بسواه: الاحتياط للسلامة، فإن البهيمة التي تموت غريقة أو نحو ذلك، قد تكون مريضة وصاحبها لا يعلم مرضها، وإنما خلت الذبائح من الحيوانات التي يحل ذبحها، لأن الدم الذي يخرج منها بالذبح، يخرج معه ما عسى أن يكون فيها من أسباب الأمراض. فضلًا عن أنه - بدفعه لا بمسيله - أَمارةٌ على السلامة والحيوية في الذبيحة.

وفي حكم الميتة في التحريم: ما يقطع من الحيِّ من لحمه، أو أعضائه. فقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه، عن أبي واقد قال: قال رسول الله : "ما قُطع من البهيمة، وهي حية، فهو ميتة".

ويُستثنى من تحريم الميتة: السمك والجراد، لما أخرجه ابن ماجة والحاكم، من حديث ابن عمر مرفوعًا: "أُحلَّت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد، والكبد والطحال". وفي العُرف أنه إذا قال قائل: أكل فلان الميتة، لم يتطرق إلى الذهن السمك والجراد.

ويحل الانتفاع بجلدها بعد الدبغ. وإذا ذُبحت أُنثى حيوان يحل أكله، وفي بطنها جنين - حلَّ أكله إذا وُجد ميتًا، لأن ذكاة الجنين بذكاة أُمه، فإن وُجد حيًا ذُبح ليحل أكله.

وثاني هذه المحرمات: (الدَّم) والمراد به: الدم المسفوح، لما صرحت به آية الأنعما: ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ (١). أما الدم المعقود: وهو الكبد والطحال من الحيوان المذبوح، فيحل أكله.


(١) الأنعام: ١٤٥: المراد من الدم المسفوح: الدم السائل، أما الدم المعقود كالكبد والطحال فهو حلال.