يقول الإمام الواحدى: اللهو: طلب الترويح عن النفس. ثم المرأة تسمى لهوا وكذا الولد، لأنه يُسْترْوَحُ بكل منهما، ولهذا يقال لامرأة الرجل وولده: رَيْحَانَتَاه.
والمعنى: لو أَردنا أن نتخذ لهوا من النساء أو الأولاد، لاتخذناه من عندنا مما نصطفيه ونختاره (١)، لا كالذين زعمتموهم، لأَن ولد الوالد وزوجته يكونان عنده لا عند غيره. انتهى بتصرف.
وتفسير اللهو بالولد مَرْوِيٌ عن ابن عباس والسدى، وتفسيره بالمرأة مروى عن قتادة، وفسر الجبائى الآية بقوله: لو أَردنا اتخاذ اللهو لاتخذناه من عندنا، بحيث لا يطلع عليه أَحد، لأنه نقص فَسَترُهُ أَولى، انتهى.
وقد أَفادت هذه الجملة أَنه تعالى يستحيل عليه اتخاذ زوجة أو ولد بأَى صورة في السماءِ أَو في الأَرض، لأَنه تعالى يستحيل عليه أَن يشتغل باللهو، فكل أَفعاله تتسم بالجد والحكمة، ولذا ختم الآية بقوله سبحانه: ﴿إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أَي أننا لا نفعل ذلك لكونه مستحيلا في حقنا.
ليس من شأْننا التلهى والعبثُ بل شأْننا الحق والجد، ولهذا نقذف الباطل بالحق فيدمغه، ويذهب به، ويقضى عليه ويدمره.
﴿فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾: هالك زائل، وفي التعبير بالقذف الذي لا يكون إلا في الأجسام الصلبة - عادة - من حجر ونحوه، وبالدمغ الذي أَصله إصابة الدماغ وهو مقتل، وبالزهوق الذي هو خروج الروح من الجسد إِبراز للمعنوى في صورة المُحَسِّ المشاهد، وفي ذلك أبلغ تصوير لغلبة الحق على الباطل حتى يمحقه ويمحوه.
قال الزمخشرى في كشافه:"بل" للإِضراب عن اتخاذ اللهو واللعب، وتنزيه منه تعالى لذاته كأَنه قال: تنزيهًا لنا أَن نتخذ اللهو واللعب من عادتنا، فموجب حكمتنا واستغنائنا عن القبيح أن نَغْلِبَ اللهو بالجد، وندحض الباطل بالحق. اهـ.
(١) كما في قوله تعالى في سورة الزمر: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ وحرف "لو" في كلتا الآيتين يفيد امتناع الجواب لامتناع الشرط.