تشير الآية إلى تجهيل الكفار بتقصيرهم في التفكر والتدبر في الآيات الكونية الدالة على قدرة الله الباهرة، واستقلاله بالألوهية، وقهره لجميع المخلوقات، وأنها جميعًا تحت سلطانه العظيم.
والمعنى: أَعميت بصائر الذين كفروا ولم يعلموا من الشواهد والآيات أَو من الكتب السماوية أَن السماوات والأرض كانتا قبل فصلهما كيانًا واحدا لا انفصال فيه بينهما، حيث كانتا دخانًا في بدءِ خلق الله لهما فشقه وفصل بينهما.
روى عكرمة والحسن وقتادة وابن جبير عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآية: إن السموات والأَوض كانتا شيئًا واحدًا ملتزقتين، ففصل الله تعالى بينهما، ورفع السماءَ إلى حيث هي، وأقر الأَرض (١).
ويقول ابن كثير في تفسيرها: أي كان الجميع متصلا بعضه ببعض في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه، وجعل السماوات سبعًا والأَرض سبعًا. انتهى بتصرف يسير واختصار.
وتقول لجنة الخبراء في تعليقها على هذه الآية بالتفسير المنتخب، ما خلاصته: إِن هذه الآية تقرر معانى علمية، أيدتها النظريات الحديثة في تكوين الكواكب والأَرض، وهى أَن السماوات والأَرض كانتا في الأَصل متصلا بعضها ببعض على شكل كتلة متصلة متماسكة ثم انفصلتا، واستُدل على ذلك بأدلة علمية عديدة. اهـ.
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾: تلك آية أخرى من آيات القدرة العظيمة، أي: وخلقنا من الماء الميت كل ما فيه حياة، كما أنه محتاج إِلى الماءِ في استمرار حياته وبقائها، إذ هو عنصر هام في إِبداع وغذاء وتنمية كل شيء حى - إنسانًا كان أَو حيوانًا أَو نباتًا - أَي: أن كل ما في الكون مما يتصف بالنمو لا يستغنى عن الماءِ، وإِلا لحقه الفناءُ والدمار، ولذلك كان جديرًا أَن يَمُنَّ به سبحانه على خلقه، لأنه من أَفضل النعم على الخلق وأَولاها بالتقدير والاعتبار.