﴿أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾: إنكار عليهم لعدم التصديق بما يشاهدون من الآيات التي تتصل بالآفاق والأَنفس، مع دلالتها على تفرده - جل شأْنه - بالأُلوهية.
بمعنى: أيرَوْنَ ذلك مشاهدة ومتكررا في كل شيء حى فلا يؤمنون بمبدعه، وكان عليهم أن يسارعوا إِلى الإيمان به، وقد شاهدوا آياته ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
أَي: وجعلنا بقدرتنا في الأرض جبالا ثوابت تحفظ توازنها لئلا تضطرب بهم اضطرابا لا يعقبه ثبات، فلا يكون للناس عليها قرار بسبب ذلك، أَما الميْدُ بسبب الزلازل ونحوها فإن الآية لا تأبى وقوعه، لأنه مَيْدٌ يعقبه ثبات واستقرار.
﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾: أَي وجعلنا في الأرض جميعها، سهولها وجبالها وهضابها طرقا واسعة، لكي يهتدوا بها إلى مصالحهم ومهماتهم، وذكرت الآية ﴿سُبُلًا﴾ بعد أَن ذكرت قبلها فجاجًا، بيانًا للفجاج ودفعا للإبهام عنها، لأن الفج قد يكون مَسلُوكا وقد لا يكون، ولتدلَّ ضمنا على أَن الله خلق الفجاج ووسعها رعاية للسَّابلة الذين يسلكونها ورحمة بهم.
وقيل: إن المعني وجعلنا في الجبال طرقا واسعة ليسلك الناس فيها ويعبروا من قطر إِلى قطر، ومن إقليم إلى إقليم، فقد يكون الجبل حائلا بين هذه البلاد وتلك البلاد، فيجعل الله فيه فجوة واسعة ليسلك الناس فيها من هنا إلى هناك.
ويصح أَن يكون المراد من قوله ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ أَن يهتدوا بذلك إِلى الاستدلال على التوحيد وكمال القدرة والرحمة، أَو ما يعم الاهتداءَ إلى ذلك والاهتداءَ إِلى البَصَر بفضل الله عليهم، وبما يسره لهم من تبادل المنافع التي فيها صلاح أَمرهم، وتقويم شأْنهم.
هذه آية أُخرى من آيات الألوهية الدالة على وجود الصانع، وكمال قدرته، أي: وجعلنا السماء المُظلة للارض كأَنها قبة عليها، جعلناها سقفا محفوظًا بقدرتنا من أن يقع على