والرشد هو: الاهتداء لوجوه البر والخير والصلاح، قال الفراءُ: أَعطينا. هداه من قبل النبوة والبلوغ اهـ.
فالله سبحانه يخبر عن خليله إِبراهيم أَنه آتاه الهداية إِلى الحق في صغره، وأَلهمه الحجة على قومه قبل النبوة، كما قال سبحانه: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ (١).
﴿وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ﴾: أي وكنا به وبما يتحلى به من الصفات الجميلة، والسجايا الحميدة التي تجعله من أَهل الاجتباءِ والاصطفاءِ، كنا بذلك كله عالمين.
ومعنى الآية إجمالا: ولقد أعطينا إِبراهيم رشده وهديناه إلى وجوه الصلاح والخير فيما يفعل وما يدع، وكنا بجدارته وأَهليته لذلك عالمين، فقد صنعناه على أعيننا، وأَعددناه ليحمل رسالتنا، فزودناه بالشمائل الطيبة، والسجايا الكريمة؛ ليكون ذلك عونًا له على أَدائها، وعصمة له من أن يناله أَحد، أو يحط من قدره حَسُودٌ أَو حاقد.
وهذا هو شأْن الله ﷻ في اختيار رسله يحيطهم بكريم عنايته ويطهرهم من كل نقص أو عيب.
هذا هو الرشد الذي أوتيه إِبراهيم في صغره، حيث أَنكر على قومه عبادة الأَصنام قبل أن تأْتيه النبوة، وكلمة (إِذْ) ظرف لقوله: (آتَيْنَا) في الآية السابقة.
والمعنى على هذا: ولقد منحنا إبراهيم هداه وأَرشدناه إلى الطريق المستقيم وقت أَن قال لقومه - ساخرًا منهم ومن آلهتهم -: ما هذه التماثيل التي أَنتم عليها عاكفون، وعلى عبادتها مقيمون، وهى لا تستحق شيئًا مما تصنعون، فليس لها من الصفات ما يقتضي تعظيمها فضلًا على عبادتها، فكيف عكفتم على عبادتها؟
ويجوز أَن يكون لفظ (إِذْ) مفعولًا به لفعل محذوف تقديره (اذكر).
والمعنى على هذا: اذكر أَيها الرسول لقومك ما كان من أَمر إبراهيم مع قومه.