في النص الكريم أُمور ملحوظة دلت عليها قصة يونس في سورة الصافات، حيث بينت أنَّهُ ﴿أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾.
والمعنى: أَنه ﵇ لما ترك قومه دون إِذن من الله غضبًا عليهم لكفرهم وإِصرارهم عليه مع طول دعوته إِياهم، التجأَ إلى سفينة مشحونة، فلما لجَّجَت بمن فيها توقفت عن السير فقال قائلهم: إن الريح مواتية، فلماذا تتوقف؟ لابد أَن يكون بها رجل عاص، فأَجروا القرعة بينهم، فخرجت على يونس، وكان بذلك من المغلوبين، فأَلقوه في البحر فالتقمه الحوت وهو مليم. أَي: آت بما يلام عليه، وأَصبح بذلك داخل ظلمة كثيفة كأَنها ظلمات، حيث احتواه بطن الحوت داخل ظلمة البحر فنادى في هذه الظلمات: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، إِذ تركت قومى دون استئذان منك.
﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءَه الذي تضمنه نداؤُه أَن "لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ" ففي هذه الجملة طلب يونس ﵇ من ربه بأسلوب التلويح أَن يكشف عنه غمه ويزيل عنه كربه، بعد أَن وصفه بكمال الربوبية، ونزهه عن كل النقائص واعترف على نفسه، وهو من أَلطف أَساليب الأَدب في الدعاء، إِذ يُعَرِّض بطلبه ولا يصرح به ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾ الذي نزل به بسبب إِلقائه في بطن الحوت.
﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾: أَي وكما نجى الله يونس من غمه ينجى كل مؤْمن يعترف بذنبه ويقرّ بتقصيره فيه نادما عليه، - ينجيه - إِن هو استعان بربه وسأَله العفو والمغفرة.