للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ﴾: لأَنَّ الأُمور كلها تصير إِليه حتما.

٩٠ - ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ .... ﴾ الآية.

أَي: أَجبناه إِلى ما طلب، من أَن يرزقه الولد، وهو في سنِّ اليأْس، تفضلا منا ورحمة، وأَصلحنا له زوجه بإزالة موانع الحمل فقد كانت عقيما عاقرًا، كما جاءَ في قوله تعالى حكاية عنه: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾.

﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾: هو بمثابة التعليل لما تقدم من قبول الدعاء وهبة الولد وإِصلاح الزوج، أَي: استجبنا له، ورزقناه يحيى في أَقصى سن اليأْس، وأَصلحنا له زوجه العقيم، لأَن أَهل هذا البيت كانوا يسارعون في الخيرات ولا يتباطأُون عنها إِذا ما حانت الفرصة لفعلها. فالضمير في "إِنهم" لزكريا وأَهله.

﴿وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا﴾: أَي ويعبدوننا مخلصين العبادة راغبين طامعين في ثوابنا، خائفين مشفقين من عذابنا.

﴿وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾: خاضعين مذعنين لا يستكبرون عن عبادتنا ودعائنا.

٩١ - ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا .... ﴾ الآية.

هي مريم أثنى الله عليها بالعفة وعدم مساس البشر قبل أَن تحمل بعيسى ، فإحصانها فرجها: كناية عن أَنها لم يمسسها بشر.

وقد أَراد الله تعالى أن يجعلها آية للناس بقدرته على خلق بشر في أَرحام النساءِ بغير أب على خلاف السنة المعهودة؛ ليعلموا أنه كما قدر على خلق بشر بلا أَب ولا أُم كما صنع مع آدم وبغير أُم كما صنع بحواءَ فهو قادر على أَن يخلقه دون أَب كما صنع بعيسى .

ويصور الله خلقه في جوفها بقوله:

﴿فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا﴾: أَي نفخنا في جوفها من الروح الأَمين جبريل ، فهو الذي نَفَّذَ أمر الله تعالى.

ومعلوم من الدين بالضرورة، أَن جبريل يطلق عليه (الروح)، كما قال تعالى:

﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾: