للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالكتب: ما يكتب فيه من الأُمور المختلفة، وقرئ ﴿كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ أَي: لجنس الكتاب، والمعنى لا يختلف في القراءَتين، ومعنى الآية: واذكر لأُمتك أيها الرسول - اذكر لهم - يوم نخفى السماءَ كما يخفى السجل ما كتب فيه حين يطوى عليه، وذلك ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ﴾ حيث يبعث الله الخلائق ويحشرها على أَرض جديدة، وتحت سماءٍ جديدة ليحاسبهم ويجزيهم على أعمالهم.

﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾: أَي أَنه تعالى يُعيد السماءَ كما بدأَها بعد أَن أَفناها بقدرته سبحانه؛ فإنه يقول للشئِ: ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾.

وأَجاز بعض المفسرين أَن يكون المعنى: كما بدأْنا أَول خلق الناس حفاة عراة نعيدهم كذلك، واستندوا إِلى حديث أَخرجه مسلم عن ابن عباس جاءَ فيه: "قام فينا رسول الله بموعظة فقال: يا أَيها الناس: إنكم تحشرون إِلى الله حفاةً عراة غرْلًا ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ أَلا وإِن أَول الخلائق يكسى يوم القيامة إِبراهيم … " الحديث. كما استندوا إلى قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ وقوله ﷿: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾.

﴿وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾: أَي وعدنا بإِعادة الخلائق وبعثهم وعدا علينا إنجازه، إنا كُنَّا فاعلين ما وعدناهم، قادرين على تحقيقه.

١٠٥ - ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾:

المراد من الزبور هنا: كل الكتب السماوية، التي أَنزلها الله على أَنبيائه ورسله. مأْخوذ من زبَرَ الكتابَ (١) - أي كتبه - والمراد من الذكر: اللوح المحفوظ الذي هو أُم الكتاب - كما قاله مجاهد وابن زيد، والمراد بالأَرض التي يرثها عباد الله الصالحون: أَرض الجنة، كما قاله ابن عباسٍ ومجاهد وسعيد بن جبير وأَبو العالية، ودليل هذا التأْويل قول أَهل الجنة: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ


(١) وهو من باب ضرب و