الْعَامِلِينَ﴾. وتأْويل الأَرض بالجنة هو المناسب لما تقدم من قوله تعالى: ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ بعد قوله تعالى.: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ الآيات.
والمعنى على هذا: ولقد كتبنا في جنس الكتب السماوية من بعد الكتابة في اللوح المحفوظ: أَن أَرض الجنة يرثها عبادى الصالحون أهل التَّقْوَى، ولأُمة محمد خير نصيب فيها بمشيئة الله تعالى.
ومن العلماءِ من ذهب إلى أَن المراد بالأَرض: أَرض الدنيا، والوارثون لها: أُمة ﷺ، يستولون عليها من الكافرين بالفتوحات، سلمية كانت أَو حربية، مصداقا لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (١) وهذا الرأْى هو إِحدى الروايات عن ابن عباس.
وعلى أَن المراد بالأَرض أرض الدنيا، والوارثين لها أمة محمد ﷺ يصح أن يراد من الزبور كتاب داود ﵇ ومن الذكر التوراة فإِنه يطلق عليها الذكر، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ فتكون البشارة بميراث أمة محمد للدنيا جاءت في الزبور بعد التوراة.
البلاغ يطلق على الكفاية، وعلى ما يتوصل به إِلى الغاية. والمعنى: أَن ما تقدم مما احتوته السورة من عقائد وشرائع وآداب فيه الكفاية للوصول إلى الغاية المطلوبة لقوم شأْنهم العبادة، فإذا أَخذوا أَنفسهم به واحتكموا إلى شرائعه، والتزموا بآدابه بلغوا ما يرجون من عظيم الثواب، والنجاة من العقاب …