للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (١).

وفيه تعريض بما فوت الكافر على نفسه من هذه الرحمة، حين أعرض ونأَى بجانبه، فخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين.

١٠٨ - ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ … ﴾ الآية.

بعد أَن بين الله سبحانه أَنه سيطوى السماءَ، ويبعث الخلائق كما بدأَهم، وأَن أَرض الجنة يرثها الصالحون، وأَنه أَرسل نبيه محمدًا رحمة للعالمين عقب ذلك بأَمره أن يدعو المشركين إِلى التوحيد والإِسلام؛ رحمة بهم لعلهم يسلمون، فينجوا من سوءِ المصير.

والمعنى: قل أَيها المبعوث رحمة للعالمين - لهؤلاءِ المشركين من قومك ولغيرهم: ما أَوحى الله إليَّ إلاَّ أنه إِله واحد، فما لكم تتخذون معه آلهة تعبدونها من الحجر والشجر والبشر وغيرها، ولا تصلح العبادة لسواه.

﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾: أَي فأَسلموا لله وانقادوا لأَمره، والتمسوا رضاه بطاعته؛ حتى تفوزوا بالنجاة وتكونوا من المفلحين. ثم عقب ذلك بإِنذارهم على الإِعراض فقال:

١٠٩ - ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ .. ﴾ الآية.

أَي: فإِن أعرضوا عما دعوتهم إليه، فقل لهم: ﴿آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾: أَي بلغتكم ما أَوحى الله إِليَّ أَن أُبلغه من توحيده في العبادة، مستوين في الإِعلام بذلك، فلم أَخص به جماعة دون آخرين.

ويجوز أَن يكون المعنى: أَعلمتكم ذلك مستويا معكم (٢) في العلم بما أَعلمتكم به من وحدانية الله لظهور الأَدلة عليها، كما يجوز غير ذلك من المعانى، وحسب القارئ ما ذكرنا.


(١) سورة التوبة، آية: ١٢٨.
(٢) فعلى الأول تكون كلمة "على سواء" حالا من كاف المفعول في "آذنتكم" وعلى الثاني تكون حالا من التاء والكاف أي من الفاعل والمفعول.