وقد نقل الآلوسى عن الزمخشرى أَن في قوله تعالى لهم: ﴿آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ الخ استعارة تمثيلية، حيث شبه حال الرسول معهم بحال من بينه وبين أَعدائه هدنة، فأَحس بغدرهم فنبذ إِليهم العهد، وشَهَرَ النَّبْذَ وأَشاعه، وآذنهم جميعا بذلك - وعقب عليه الآلوسى بقوله: وهو من الحسن بمكان. اهـ
﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾: إن، هي النافية، والمراد بقوله: ﴿مَا تُوعَدُونَ﴾ هو غلبة المسلمين عليهم، أَو هو ما يلقونه من عذاب يوم القيامة، أَي أنا لم أَعلم ذلك لأَن الله استأْثر بعلمه، ولم يطلعنى عليه، إنما علم ذلك كله عند ربي.
إِنه سبحانه يعم ما تطعنون به عليَّ وعلى شريعتى مجاهرين بذلك، ويعلم ما تخفون في صدوركم من الأَحقاد على المسلمين، وإِذا كان الله يعلم الجهر وما يخفى، وهو مُجَاز عليهما لا محالة، كان على العاقل البصير أَن يخلص النية لله تعالى، وأَن يصون لسانه وقلبه عن الوقوع فيما يوبقه من القول والنية وسوءِ الظن.
الضمير في ﴿لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ﴾ عائد على مفهوم من المقام، وهو تأْخير مجازاتهم، والمعنى: لست أدرى؛ لعل تأْخير مجازاتكم مع إِصراركم على ما أَنتم عليه زيادة لكم في الفتنة وإِبعاد في الاختبار والإِملاء.
﴿وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾: وتمتيع من الله لكم بلذات الدنيا إِلى وقت مقدر تقتضيه الحكمة الإِلهية، ويعظم فيه قيام الحجة عليكم، فيكون أَشد في الإِيقاع بكم؛ لأَن المعرض مع تتابع الآيات وتوالى النذر يكون أَشد عقابًا وأَبعد نكالا.