﴿هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ أي: أنزل الله القرآن الكريم في شهر رمضان، هداية للناس إلى الإيمان بالله واليوم الآخر، وإلى مصالح المعاش والمعاد، وآيات واضحات من جملة الكتب الهادية إلى الحق، الفارقة بينه وبين الباطل.
﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾:
أي فمن حضر منكم في الشهر، ولم يكن مسافرًا فليصم فيه، أو من علم هلال الشهر بأَيِّ وسيلة من وسائل العلم به فليصمه.
روى الشيخان عن الرسول ﷺ أنه قال:"صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكمِلوا عدة شعبان ثلاثين".
كانت رؤية العين هي الوسيلة الوحيدة للعلم به في عهد الرسول ﵊ وصحابته.
وبعض الفقهاء العصريين يرى: أن رؤْية العين غير دقيقة، وأن علم الفلك قد تقدم، وأصبح بالإمكان تحديد الأوقات بالثانية والدقيقة عن طريقه، وأصبح اعتمادنا في تحديد أوقات الصلوات عليه، ويرى ارتكانًا على هذا: اعتبار أول رمضان على أساس حسابه الدقيق.
وقال بهذا الرأي - عند الغيم - من القدامى مطرف بن عبد الله، وهو من كبار التابعين، وابن قتيبة، وهو من كبار المحدثين، فقد قال:"يُعَوَّل على الحساب عند الغيم بتقدير المنازل، واعتبار حسابها في صوم رمضان".
وقد قرر مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية: الاعتماد على الرؤية في حال الصحو، والاعتماد على المراصد الفلكية في حال الغيم، إذ الرؤية فيها رؤية. ومع هذا فلا يزال المسلمون يعتمدون على الرؤية بالعين المجردة، ومن لم ير الهلال في دولته اعتمد على رؤيته في دول مجاورة.
﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾: بعد أن عظَّمت الآية شأن الصوم، أعادت إباحة الترخيص في الإفطار، توكيدًا لأمره، وذلك عند من يقول: إن الصوم كان واجبًا من غير تخيير، منذ أول التكليف به، وأما عنا من يقول: إنه كان على التخيير، ثم نسخ التخيير بالإلزام في قوله: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾: