للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في شهر رمضان بعد العشاء، منهم: عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله فأنزل الله - تعالى -:

﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾.

وعن ابن عباس - أيضًا - قال: إن الناس كانوا - قبل أن ينزل في الصوم ما نزل فيه - يأكلون ويشربون، ويحل لهم شأن النساء، فإذا نام أحدهم، لم يطعم ولم يشرب ولا يأْتي أهله، حتى يفطر من القابلة، فبلغنا أن عمر بن الخطاب بعدما نام ووجب عليه الصوم، وقع على أهله، ثم جاء إلى النبي فقال: أشكو إلى الله وإليك الذي صنعت. قال: وماذا صنعت؟ قال: إني سَوَّلَت لي نفسي فوقعت على أهلي بعد ما نمت، وأنا أُريد الصوم، فزعموا أن النبي قال: "ما كنت خليقًا أن تفعل"، فنزل الكتاب: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ ذكره ابن كثير.

ومن ذلك يُفهم: أن الأكل والشرب والجماع، كانت محرمة عليهم من العشاء، أَو من بعد النوم إلى الفجر، فخالفوا - وهم بشر - قبل أن يُشَدد الإسلام النكير على المخالفين في ذلك، ويستدلون للتحريم السابق، بقوله تعالى: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ﴾.

وقد دلت هذه الآية: علىلا جعل الصيام من الفجر إلى المغرب، بنص الآية. وهذا يدل على أن الصيام قبل ذلك لم يكن بهذه الصورة. ويشهد لذلك أيضًا قوله:

﴿كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾.

وبعضهم فسَّر الآية بأنَّ بعض الصحابة خالف ما اعتقد أنه واجب الأداءِ، وهو بدءُ الصيام من العشاء.

أما جُملة ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾ فلا تدل على أنه كان حرامًا، وإنما لتقرير إباحته، مثل قوله تعالى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ﴾ (١).

والمراد من الرفث إلى النساءِ: جماعهن.


(١) المائدة: ٩٦.