حين يبدأ الإمساك عن المفطرات، فعلى الصائم أن يتم صومه إلى الليل. وله في الليل ما أحل الله له، إلا أن يكون معتكفًا في مسجد لطاعة الله، فمحظور عليه ليلًا مباشرة النساء - مراعاة لحرمة المسجد - لا الطعام والشراب، فإنهما مباحان.
والمباشرة المنهي عنها - حينئذ -: هي الجماع، أما نحو اللمس والقبلة، فإن كان بغير شهوة فمباحان، ولكن يكرهان. وإن كانا بشهوة وتلذذ، فسد الاعتكاف.
﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾: ﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى ما تقدم من أحكام، وسماها حدودًا، لأَنها حجزت بين الحق والباطل، والنهي في ﴿فَلَا تَقْرَبُوهَا﴾ آكد من لا تعتدوها، لأنه يشير إلى البعد عنها، حتى لا ينزلق المؤمن في غفلة منه، فيتجاوز الحد، فمن حام حول الحمى، يوشك أن يقع فيه.
ولم ينهنا الله - تعالى - عن مقاربة حدوده، إلا في هذه الآية وآية الزنى، وآية مال اليتيم، فإن غريزة الجنس، وغريزة حب المال، تعصفان بالإنسان، إلا من التمس أن يعصمه الله.
﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾: وعلى هذا النحو الدقيق: وضح الله الأحكام للناس حتى لا يلتبس عليهم الحق بالباطل، وبهذا تصح عبادتهم، وتسمو نفوسهم ويتمسكوا بتقوى الله.