للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أأدخل؟ فقد أخرج أَبو داود عن رِبْعِى قال: (حدثنا رجل من بنى عامر استأذَنَ على النبي وهو في بيت فقال: ألِج؟ فقال النبي لخادمه: "أخرج فعلمه الاستئذان فقل له: قل: السلام عليكم أأَدخل؟ " فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم، أَأدخل؟ فأذن له النبي فدخل).

ومن العلماء من قال بتقديم الاستئذان، فإذا أُذن له فدخل سلم، وهذا الرأى، يوافق ظاهر الآية ويخالف ما رواه أَبو داود عن النبي ، وقد تقدم قبل هذا، وهوأحق بالاتباع.

ويسن الاستئذان إلى ثلاث مرات إن لم يؤذن له بعد الأولى والثاني، فإن لم يؤذن له بعد الثالثة انصرف، فقد جاءَ في الصحيح أن أَبا موسى الأشعرى حين استأْذن على عمر ثلاثا فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ - يعنى أبا موسى - ائذنوا له، فطلبوه، فوجدوه قد ذهب، فلما جاءَ بعد ذلك قال: ما رَجَعَكَ؟ قال: إِنى استأْذنت ثلاثًا فلم يؤذن لى، وإنى سمعت رسول الله يقول: "إِذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فلينصرف … " الحديث.

وقد كانت البيوت من غير أبواب ولم يتخذ لها الستور، فكانت السنة أن يقف المستأذن بجانب المدخل يمينًا أويسارًا ولا يستقبله، روى أَبو داود عن عبد الله بن بسْر قال: (كان رسول الله إِذا أَتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاءِ وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أَو الأَيسر فيقول: "السلام عليكم" وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور) (١).

فإن قيل: ما الحكم بعد أَن استحدث الناس الأبواب، وسكنوا في الطوابق، واستحدثوا أَجراسًا على أبوابهم؟ فالجواب: أَن الاستئذان يكون في هذه الحالة إما بدق الباب أوبقرع الأجراس، فقد صح عن أَبي موسى الأشعرى (أن رسول الله كان في حائط بالمدينة على قفِّ بئر، فمد رجليه في البئر فدق البابَ أَبو بكر، فقال له رسول الله : "ائذن له وبشره بالجنة") والحائط: البستان، وقفُّ البئر: الدكة المرتفعة التي تجعل حولها.


(١) القرطبى ج ١٢ ص ٢١٦ - المسألة السا