للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النحاس، وقال: المتاع في كلام العرب: المنفعة، ومنه: أمتع الله بك، ومنه: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ (١).

ويدل على صحة هذه الآراء ما أخرجه ابن أبي حاتم عن مقاتل أَنه لما نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا … ﴾ الآية.

قال أبو بكر يا رسول الله، فكيف بتجار قريش الذين يختلفون من مكة والمدينة والشام وبيت المقدس، ولهم بيوت معلومة على الطريق، فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها سكان؟ فرخص سبحانه في ذلك، فأنزل قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ﴾ الآية (٢).

فالمراد بتلك البيوت غير المسكونة: ما فيها انتفاع عام، ويدخل فيها دور العلم المباحة، أَما إذا كانت لها قيود أَوبأجر، فلابد من الاستئذان عليها والتزام شروطها، وكذلك الفنادق التي يسكنها المسافرون بأَجر فلا يدخلها أَحد بغير استئذان والتزام بحدودها، ومثلها الحمامات الخاصة ونحوها.

وخلاصة معنى الآية: ليس عليكم - أَيها المؤمنون - حرج ولا إثم، في أَن تدخلوا بغير استئذان بيوتًا غير مسكونة فيها متاع - أَي منفعة - لكم بدخولكم فيها، كالدور الموقوفة على أبناء السبيل، ومنازل المسافرين العامة المقامة على الطريق ليستريح فيها المسافرون، ودور العلم العامة التي لم يجعل لها شروط تمنع أحدًا من حضورها، والبيت المعد لنزول أي ضيف، وحوانيت التجار، والمراحيض العامة والْخَربات لقضاء الحاجة - ليس عليكم جناح - أن تدخلوا هذه وأَمثالها دون استئذان، لأن لكم حق التمتع - أي الانتفاع - بها، والله يعلم ما تظهرون وما تخفون من أعمال ونيات، فيحاسب كل من دخل هذه البيوت المأذون بدخولها بلا استئذان - يحاسبه ويجازيه - على عمله ونيته، فإذا كان دخوله إياها لراحة نفسه أوقضاءِ مصلحة شرعية له أولغيره فله ثوابه وإن كان للفساد والإفساد، فعليه عقابه.


(١) انظر القرطبى في المسألة الثانية في تفسير الآية.
(٢) انظر الحديث في تفسير الآلوسى للآية.