للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وزمانه خير من زماننا (١)، فإذا نظر إليها بشهوة فإثمه شديد وعقابه عنيف، نسأل الله العصمة لعباده المؤمنين.

ونقل كثير عن السلف أَنهم كانوا ينهون أَن يحد الرجل النظر إِلى الأمرد، وشدد كثير من أَئمة الصوفية في ذلك، وحرمه طائفة من أَهل العلم، لما فيه من الافتتان.

أما نظرة الفجاءَة إِلى الأجنبية فلا إِثم فيها، فقد أخرج أَبو داود وغيره عن بريدة قال: قال رسول الله : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأُولى وليست لك الآخرة".

والمراد بحفظ الفروج أَمران، أَحدهما: حمايتها من الزنى واللواط، وثانيهما: سترها عمن لا يحل له النظر إليها من الأجانب والأقارب، إِلا في حالات جراحتها أَوعلاجها أَو الكشف عن مرضها، فأنه يجوز كشفها للطبيب الأمين (٢) عند الضرورة.

أَما الزوجة والأمة فلا يدخلان في الأمر بحفظ فرج الرجل عنهما، روى بَهْز بن حكيم ابن معاوية القشيرى عن أَبيه عن جده قال: (قلت يا رسول الله: عوراتنا؛ ما نأْتى منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك" ثم سأله عن الرجل يكون خاليًا، فقال : "الله أحق أَن يستحيا منه من الناس") نقله القرطبى ثم قال في المسألة الخامسة ما خلاصته: أَن العلماءَ حرموا دخول الحمام على الرجال بغير مئزر، أَخْذًا من نص الآية، فإن دخلوها بمئزر جاز، وقد دخل ابن عباس الحمام بإزاره وهومُحْرِمٌ بالجحفة، أَما دخول النساءِ فأجازه بعض العلماءِ لضرورة العلاج ونحوه، مع الاستتار بنحومئزر، أما لغير ذلك فلا، فقد أَخرج ابن منيع بسنده عن سهل بن معاذ عن أَبيه عن أم الدرداء أَنه سمعها تقول: (لقينى رسول الله وقد خرجت من الحمام، فقال: "من أين يا أُم الدرداء؟ " فقالت: من الحمام، فقال: "والذى نفسى بيده ما من امرأَة تضع ثيابها في غير بيت أَحد من أمهاتها، إلا وهي هاتكة كل


(١) انظر القرطبى.
(٢) ويشترط حضور من يمنع حضوره الخلوة إذا كان المريض امرأة، كالزوج والأب.