للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ستر بينها وبين الرحمن ﷿" وأخرج البزار عن طاووس عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "احذروا بيتًا يقال له الحمام" قالوا يا رسول الله يَنْفِى الوسخ، قال: "فاستتروا" وهذا أصح حديث في الباب، فإن دخله مستترا فعليه أَن يحقق عشرة شروط، منها: أن يكون بنية التداوى أوالنظافة، وأَن يستتر بإِزار صَفِيق، وأن يغير ما يراه من منكر برفق - إِلى آخر ما ذكره القرطبى فارجع إليه إِن شئت.

والمعنى الإِجمالى للآية: قل - أيها الرسول - للمؤمنين: يخفضوا من أبصارهم كفا لها عن رؤْية ما لا تحل رؤيته من النساءِ والرجال، ويحفظوا فروجهم بمنعها عن الزنى، وسترها عن غير زوجاتهم وإمائهم، ذلك الغض للبصر وحفظ الفرج أطهر لهم في الدين، وأَبعد عن دنس الإِثم، إن الله عليم بما يصنعون من امتثال أمره أَوعصيانه، فيجازى كلا على ما كسب، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.

٣١ - ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا … .... ﴾ الآية.

أَمر الله نبيه في هذه الآية أَن يبلغ النساء المؤمنات، أَنهن مكلفات بغَضِّ أَبصارهن وحفظ فروجهن، مع أَنهن داخلات في حكم الآية السابقة للتأْكيد، فإن قوله: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ يعم حكمه الذكور والإِناث حسب كل خطاب في القرآن، فإِن النساء شقائق الرجال في الأَحكام إلا ما خص كلا منهم بدليل أَوقرينة.

وقد فهم من الآيتين أَنه كما يحرم نظر الرجال إلى النساءِ غير المحارم، يحرم نظرهن إليهم كذلك، أخرج أَبو داود والترمذى بسندهما عن أم سلمة (أنها كانت عند رسول الله وميمونة؛ قالت: فبينما نحن عنده أَقبل ابن أَم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله : "احتجبا منه" فقلت: يا رسول الله، أَليس هوأعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله : "أوَ عمياوان أنتما؟ أَلستما تبصرانه؟ " ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (١) ومنه عرف


(١) انظره في ابن كثير