للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم بين سبحانه أن الفقر في الخاطب أَو المخطوبة لا يمنع من المناكحة، فإن المال غاد ورائح، ولا حرج على فضل الله في أَن يغنى الفقير، ولهذا زوج النبي امرأَة برجل فقير لا يملك ولا خاتما من حديد، على أَن يعلمها ما يحفظ من القرآن.

وجنح بعض المفسرين إِلى أَن الآية وعد من الله بالإِغناء، لكن ذلك مشروط بمشيئة الله تعالى كقوله : ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَآءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (١).

ثم ختم الله الآية بقوله: ﴿وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾: للإِيذان بأَنه لا ينبغي عدم اليأس من فضل الله فإنه سبحانه ذوسعة في الغنى والقدرة فلا حرج على فضل الله - عليم بأَحوال عباده، يمنحهم من رِغدِه ما علمَ أَنه يصلح من أَمرهم.

والمعنى الإِجمالى للآية: وزوِّجُوأَيها الأولياءُ من تتولون أَمرهم من الحرائر والأَحرار غير المتزوجين إن طلبوا ذلك، ولا تمنعوهم حقهم في سنة الله وفي إِعفافهم، وزوجوا الصالحين للنكاح من عبيدكم وإمائكم، والفقر ليس بمانع من زواج الأحرار، إِن يكونوا فقراء فالله قادر على أَن يغنيهم من فضله إن شاء، والله واسع الغنى والقدرة، عليم بأَحوال عباده فلا يخفى عليه محتاج، ولا تضيق موارد رزقه على الفقراء، فهوكافل الأَرزاق لجميع مخلوقاته.

٣٣ - ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ .. ﴾ الآية.

تتضمن هذه الآية ثلاثة آداب للمؤمنين، أَولها: فيمن لا يجد أهبة النكاح، وثانيها في حث السادة على مكاتبة أَرقائِهم ومساعدتهم إِن علموا فيهم خيرا، وثالثها في منعهم من إكراه إمائِهم على البغاء، وفيما يلى الكلام على الجزءِ الأَول من الآية.

المراد من كونهم لا يجدون نكاحا: أَنهم لا يجدون أَسبابه من مهر ونفقة (٢)، وقد


(١) سورة التوبة، الآية: ٢٨
(٢) وهو إما من إطلاق النكاح على ما تنكح به المرأة من مهر ونفقة، كإطلاق اللباس على ما يلبس، واللحاف على ما يلتحف به، أو بتقدير مضاف.