في تفسيره في الآية، فمنهم من فسره بالهداية، مراعاة لسياق الآية مع ما قبلها، وقد ذهب إِلى ذلك ابن عباس ﵄ فقد أَخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أَبي حاتم، والبيهقى في الأَسماءِ والصفات: عن ابن عباس أَنه قال: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أَي: هادى أَهلهما. قال الآلوسى: وهذا وجه حسن: انتهى.
ونرى أَن هذا الرأْى مناسب لما سبق وما لحق من الآيات، ويكون إِطلاق النور على الله - تعالى - في هذا الرأْى على سبيل المجاز.
وقال آخرون: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ معناه: منَوِّرهُمَا، فإِطلاق النور على الله تعالى بهذا المعنى على سبيل التجوز أَيضًا، كما تقول: زيد عَدْلٌ، بمعنى: عادل، على سبيل المجاز، ويرشح هذا المعنى أَنه قرأَ بعض القراءِ: ﴿اللَّهُ مُنَوِّر السمَآءِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقد نورهما الله - تعالى - بالكواكب والنجوم، حيث جعلها تلقى أَشعتها على الأَجرام المقابلة لها، كما نوّر الأَرض بالمصابيح التي هدى عباده إِلى اختراعها على اختلافها قوة وضعفًا، وكِبَرا وصِغَرا، وطولا وقِصَرا.
ويتناول النور على الوجه الأَول وحيه - تعالى - إلى ملائكته وأَنبيائه، وهداية كل شيءٍ لما خلق له، كما قال - تعالى - حكاية لما قاله موسى لفرعون: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ (١) وفي هذا الجزء من الآية آراءٌ أُخرى، وحسب القارئ ما تقدم.
المقصود من النور هنا: الهدى القلبي الناشيءُ عن النظر في آيات الله في الأَنفس والآفاق، وعن التأَثر بمواعظ القرآن العظيم، وسنة النبي الكريم، فإن الهدى الناجم عن ذلك يذهب بظلمات الحيرة والشك والوسوسة التي تغشى القلوب، ويحِلُّ محلها الإِيمان الذي لا تهزه العواصف، ولا تقصفه الرياح القواصف، ومَثَله في ذلك مثل النور الحقيقي الذي تنجاب