للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨ - {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ}:

وإذا دعا المنافقين خصومُهم إِلى شرع الله ورسوله، ليحكم به الرسول بينهم، فاجأ بعضهم بالإِعراض عن التحاكم إِلى رسول الله إذا كان الباطل في جانبهم والحق في جانب غيرهم، خشية أن يحكم عليهم بشريعة الله التي تنصف المظلوم ولو كان من الكافرين, وتدين الظالم ولو لبس ثياب المؤمنين.

٤٩ - {وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ}:

وإن يكن للمنافقين الحق جهة خصومهم يأْتوا إِلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - منقادين له، مسرعين إِليه؛ لعلمهم بأنه سيحكم لهم؛ لأنه يحكم بالحق حيثما كان.

ثم بين الله ما يدور عليه إِعراض المنافقين عن التحاكم إلى رسول الله وهم مبطلون، فقال - سبحانه -:

٥٠ - {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}:

تفيد هذه الآية أن امتناع المنافقين عن التحاكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما يكون الحق ضدهم، لا يخرج عن أن يكون ناشئًا عن مرض في قلوبهم، يميل بهم إلى الظلم وكراهة الحق، أَو ناشئًا - في زعمهم - عن وجود ما يريبهم ويشككهم في نبوته - صلى الله عليه وسلم - أَو عن خوف من أَن يجور الله عليهم ورسوله.

وبما أَنه لا سبيل إِلى الريب في نبوته؛ لأنه النبي الحق المؤيد من عند الله بالآيات البينات، ولا مجال للخوف من جوره في الحكم؛ لأَنه عرف بالعدل التام بين الناس جميعًا فلا يبقى إِلا السبب الأَول، وهو مرض قلوبهم الشامل لكفرهم ونفاقهم، فهو الذي صرفهم عن التحاكم إليه - صلى الله عليه وسلم - ولهذا ختمت الآية بالحكم بظلمهم لنفوسهم وذلك بنفاقهم الذي أَصبح مرضًا في قلوبهم.

وقد اتبعت الآية معهم أسلوب المحاورة لكشف حالهم، والاستفهام فيه للتوبيخ والذم وتشديد النكير عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>