٤٤٠ - ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾: أَي يُصَرِّفهما بالمعاقبة بينهما، أَو بنقص أحدهما، وزيادة الآخر، أَو بتغيير أَحوالهما بالحر والبرد، والمظلمة والنور، أو بما يعم ذلك كله.
ويختم الله الآية بقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾: والمراد بالأبصار هنا: البصائر والعقول، فهي التي تعتبر وتتعظ، أَي إن فيما تقدم من إزجاء السحاب، وإِنزال الوَدْقِ والبَرَدِ، وتقليب الليل والنهار، لَعِظَةً بليغة لذوى العقول المستنيرة، وذكرى لمن كان له قلب منيب، وإدراك وضاءٌ، حيث يدرك من هذا الإبداع في الخلق، والإحكام في التدبير، أَن ذلك كله من صنع إِله قدير، حكيم خبير.
المعنى الإجمالى للآية:
أَلم تشاهد - أيها الإنسان - من دلائل الألوهية والربوبية، أن الله تعالى يكوِّن سحابا في الجو ويسوقه من جهات مختلفة، ثم يؤلف بين وحداته فيضم بعضها إلى بعض، ثم يجعله متراكما طبقة فوق أخرى، فترى المطر أو البرق يخرج من بين هذا السحاب المتألف المتراكم، وينزل من السماء من سحابها المتراكم الشبيه بالجبال في عظمتها وارتفاعها - ينزل منها حبا يشبه الثلج في بَرْده ولونه، يسمى: البَرَد، فيصيب به من يشاء من عباده من ضرر في نفسه، أَو ماشيته، أو زراعته، أو ماله، ويصرفه عمن يشاء فينجو من أضراره، ويخرج منها برقًا مضيئًا سريع التتابع، يقرب هذا الضوءُ من أن يخطف أبصار الناظرين إِليه من فرط إِضاءته وسرعته.
يُصَرِّف الله الليل والنهار بأن يجعلهما يتعاقبان، أَو يزيد في أحدهما وينقص من الآخر، أو يغير أحوالهما برودة وحرارة، أَو يجمع ذلك كله، إن فيما تقدم من عظائم القدرة، ودقة التدبير وإحكامه لعظةً لأصحاب البصائر النيرة؛ لِدِلَالَتِهِ على وجود صانع حكيم قدير عليم، لا شريك له في ملكه، ولا معارض له في حكمه.