فإن ابتدأ المشركون بقتال المسلمين، فعلى المسلمين أن يقتلوهم، وعبر بقوله: ﴿فَاقتُلُوهُمْ﴾ بدل: فقاتلوهم، للإيذان بأن على المسلمين ألا يمكنوهم من المغالبة، وأن يسارعوا بقتلهم.
١٩٢ - ﴿فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾: أي فإن كفوا عن قتالكم، أو عن الشرك، فكفوا عن قتالهم، غافرين لهم اعتداءَهم، راحمين لهم: تخلقًا بصفتي الله - تعالى - وهما: المغفرة والرحمة، لعل الله يهديهم إلى التوحيد، أو يخرج من أصلابهم من يعبده ويجاهد في سبيله.
أو أن المعنى: فإن الله يغفر لهم ما قدموا، ويرحمهم إن آمنوا، وذلك فتح لباب التوبة، وإنهاء العداوة والعدوان.
والفتنة هنا: الشرك، أي قاتلوهم حتى لا يكون شرك، ليتحقق للمسلمين حرية العقيدة، وحرية أَدائهم لشعائرهم الدينية. فمشركو العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف لقوله تعالى: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾.
فإذا حاول المشركون أن يفتنوا المسلمين في عقيدتهم، أو أن يصدوهم عن أداء شعائرهم فعلى المسلمين أن يقاتلوهم، حتى يقضوا على هذه الفتنة، بالقضاء عليهم، ليكون الدين في الجزيرة العربية خالصًا لله، حتى يأمن الإسلام في معقله من معوقات انطلاقه، وليكون الدين خالصًا لله، ولتحقيق هذا: لابد من القضاء على الفتنة القضاء التام.
﴿فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ﴾: أي فإن انتهوا عن الشرك، وقتال المؤمنين، ودخلوا في الإسلام صادقين مخلصين، فلا تقاتلوهم، لأن الإسلام يحرم قتال غير الظالمين لأنفسهم بالكفر والإشراك بالله. والمراد بالعدوان: مقاتلة المشركين. وسماه عدوانًا لأن مقاتلة المشركين للمؤمنين تعد عدوانًا منهم. فهو على حد قوله ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾.