والحج فريضة، مرة في العمر لمن استطاع إليه سبيلًا. والعمرة عند الفقهاء بين مفروضة في العمر مرة، ومسنونة. يفرضها الشافعية والحنابلة، ويسنها المالكية، أما الحنفية فيقول بعضهم: بفرضيتها، وبعضهم: بسنيتها.
وقد أمر الله في الآية بإتمام الحج والعمرة خالصين لله، بحيث لا يكون في أدائهما شرك ظاهر أو خفي، وهو الرياءُ.
وإتمام الحج والعمرة: الإتيان بهما كاملين تامين، وذلك يتحقق بأداءِ أركانهما وهي الإحرام والطواف والسعي والحلق أو التقصير. ويزيد الحج: الوقوف بعرفة ورمي الجمار مع رعاية شروطهما، وسائر أفعالهما، كما هو مقرر في علم الفقه.
والحج أوانه معروف. أما العمرة فتصح في أي وقت من السنة. وللحاج أن يقرن بينهما في إحرام واحد وعمل واحد، أو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج وبعد فراغه من أعمالها يتحلل ويلبس ثيابه، إلى قبيل الوقوف بعرفة، فيحرم بالحج، ويسمى الأول قارنًا، والثاني متمتعًا، لتمتعه فيما بين العمرة والحج، بما هو محرم على المحرم.
﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾: إذا عوقكم معوِّق عن دخول مكة، أو عن إتمام المناسك، فعليكم تقديم ما تيسر لكم من الهدي: إبلًا أو بقرًا أو غنمًا أو معزًا، إن أردتم التحلل من الإحرام: يذبحه المحصر عند الأكثرين حيث أُحصر، لأنه ﷺ ذبح بالحديبية لما أُحصِرَ فيها، وهي من الحلّ.
وعند أبي حنيفة ﵀: يبعث به إلى الحرم، ويتفق مع من بعثه على يوم يُذبح فيه، فإذا جاء اليوم وظن أنه ذُبح، تحلل، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ والإحصار هنا. قاصر على منع العدو للحاج والمعتمر من المضيّ في نُسُكِهِمَا، وذلك عند مالك والشافعي لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ ولنزوله في الحديبية، وغير ذلك من الأدلة.
أما عند أبي حنيفة: فهو شامل لكل مانع من النسك سواء كان المانع عدوًا أو مرضًا أو غيرهما، لقوله ﷺ:"من كسر أو عرج فقد حل فعليه الحج من قابل" ..