من الشرك وأهله، فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من قبل، أي: من صغره إلى كبره فإنه منذ شب أنكر على قومه عبادة الأصنام، وقد حكى الله قصص الأنبياء في هذه السورة بطريقة الإخبار، أما قصة إبراهيم فقد تغير الأسلوب فيها من الإخبار إلى أمر الرسول بتلاوتها على قومه، لزعمهم أنهم على شريعة إبراهيم الذي ينتسبون إليه ويفتخرون به، مع أنهم بعيدون عن منهجه في العقيدة كل البعد، فهو إمام الموحدين، وهم أئمة الوثنيين.
قالوا بطريق المباهاة: نعبد أصناما فنقيم على عبادتها تعظيما لها وتمجيدًا، ولم يقتصروا في جوابهم على بيان أنهم يعبدون أصناما فحسب، بل أطنبوا في وصفها حيث بينوا تمسكهم بها، ودوام عكوفهم على عبادتها مع أنه لم يسألهم عن هذه التفصيلات، فعلوا ذلك قصدا إلى إظهار ما في نفوسهم الخبيثة من الابتهاج والافتخار بذلك.
والمراد بالظلول: الدوام، كما في قولهم: لو ظل الظلم هلك الناس، وقيل: فعل الشيء نهارا، فقد كانوا يعبدونها بالنهار والكواكب بالليل، واختار بعضهم الأول لتبادره وكونه أكثر مناسبة للمقام، واختار الزمخشرى الثاني، لأنه أصل المعنى وهو مناسب للمقام أيضا؛ لأنه يدل على إعلانهم عبادتها، وجاء النظم الحكيم على هذا النسق فقال: ﴿فَنَظَلُّ لَهَا﴾ دون (فنظل عليها) لإفادة معنى زائد، كأنهم قالوا: فنظل لأجلها مقبلين على عبادتها.
٧٢ - ﴿قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ﴾:
أي: قال إبراهيم معقبا على إيمانهم مبكتا لهم: هل تسمعكم هذه الآلهة المزعومة حين تدعونهم في قضاء حاجاتكم، أو حين تعبدونهم؟