وهذا الأسلوب أبلغ في التبكيت، والقصد منه: التنبيه على فساد عقلهم وسوء حالهم وأمرهم، وأن عبادتهم الأصنام وافتخارهم بذلك سفه وسوءُ رأى.
٧٣ - ﴿أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ﴾:
أي: هل ينفعونكم بسبب عبادتكم لهم أو يضرونكم بترككم لعبادتهم؟ إذ لا بد للعبادة من مقصد من هذه المقاصد، حيث كانت على ما وصفتم - من المبالغة فيها والحفاوة بها والإقامة عليها، فهل لأصنامكم التي آثرتموها بالعبادة صفة النفع أو الضر؟.
وتقرع كلمات إبراهيم آذانهم ملجمة لهم، وتظهر حجته على فساد مسلكهم، مفحمة إياهم حيث لا تجيب الأصنام دعاءً ولا تسمع نداءً ولا تأتى بخير ولا تدفع بلاءً، فيجيبون بما حكاه الله بقوله:
قال إبراهيم مبكتا لهم: أي: أتأملتم فعلمتم حق العلم أي شيء كنتم تقيمون على عبادته أنتم ومن سبقكم من آبائكم القدامى، فهل تقليد الآباء يصلح الاحتجاج به على صحة العبادة وألوهية المعبود؟.
في هذه الآية بيان لحال ما يعبدونه من دون الله، من الضرر العائد من جهتهم على عابديهم بعد بيان غفلة العابدين عن ذلك، فهو يريد بعداوتها له عداوتها لعابديها، فإنهم يتضررون بعبادتها، أي: فاعلموا أيها العابدون أنهم أعداءٌ لعابديهم الذين يحبونهم كحب الله تعالى، لتضررهم من جهتهم فوق ما يتضرر المرء من جهة عدوه، وصور إبراهيم - عليه
(١) قال الزجاج في إعراب: "إلا رب العالمين" استثناء من الضمير العائد على (ما تعبدون) باعتباره شاملا لله ﷿.