الذين غلبت معاصيهم على طاعاتهم، فإنها لا تقرب منهم إلا بعد عقابهم على معاصيهم، ما لم يعف الله عنهم.
٩١ - ﴿وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ﴾:
أي: أُظهرت وكشف عنها للذين ضلوا عن طريق الحق والإيمان بحيث يرونها ويبصرون أهوالها ويتحسرون على أنهم المسوقون إليها، المحشورون فيها، ويوقنون بأنهم مواقعوها ولا يجدون عنها مصرفا.
والتعبير في جانب الجنة بالإزلاف الذي هو غاية التقريب للإيذان بقرب دخول المتقين إليها، أما في جانب النار فقد عبر بالإبراز للإيذان بأنها تبدو للغاوين ولو من بعيد، تعجيلا بمساءَتهم.
أي: يقال لهم على سبيل التوبيخ: أين آلهتكم التي كنتم تعبدونها من دون الله وتزعمون أنهم شفعاؤكم في هذا الوقت؟.
﴿هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ﴾: بدفع ما تشاهدون من الجحيم وما فيها من العذاب الشديد وعظيم الأهوال ﴿أَوْ يَنْتَصِرُونَ﴾: بدفع ذلك عن أنفسهم.
أي: ليست الآلهة التي عبدتموها من دون الله من تلك الأصنام والأنداد تغنى عنكم اليوم شيئا ولا تدفع عن أنفسها فإنكم وإياها اليوم حصب جهنم أنتم لها واردون.
٩٤ - ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ﴾:
أي: أُلقي بالأصنام في الجحيم على وجوههم مرة بعد أخرى (فالكبكبة) تكرير لكب جعل التكرير في اللفظ دليلًا على التكرير في المعنى، كأنه إذا ألقي في جهنم يكب مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها، وضمير الجمع في قوله: ﴿كُبْكِبُوا﴾ لما يعبدون من دون الله وهم الأصنام، وأكد بالضمير المنفصل أعنى (هم)، وكلا الضميرين للعقلاء، واستعملا في الأصنام تهكما، والغاوون هم الذين عبدوها، والتعبير عنهم بهذا العنوان دون (العابدون) تسجيل لوصف الغواية عليهم، وفي تأخير ذكرهم عن ذكر آلهتهم رمز إلى أنهم يؤخرون