أي: وما أضلنا عن الحق إلا المجرمون من شياطين الجن والإنس الذين زينوا لنا عبادة الأصنام، فأنت تراهم في هذا الاعتراف ينفون عن الأصنام إضلالهم، ويحيلونه على المجرمين من الشياطين، وذلك بعد أن اتضح لهم الحال فإن الأصنام لا تباشر إضلال عابديها.
أي: فما لنا شفعاء يشفعون لنا كما نرى المؤمنين لهم شفعاء من الملائكة والنبيين والمؤمنين، ولا صديق قريب مشفق يهتم لأمرنا كما نرى لهم أصدقاء لأنه لا يتصادق في الآخرة إلاَّ المؤمنون، وأما أهل النار فبينهم التعادى والتباغض والمراد: تأسُّفهم على فقد شفيع يشفع لهم مما هم فيه أو صديق شفيق يهمه ذلك، وقد تدرجوا في التأسف لمزيد انحطاط حالهم حيث نفوا أولًا أن يكون لهم من ينفعهم في تخليصهم من العذاب بشفاعته، ونفوا ثانيًا أن يكون لهم من يهمه أمرهم ويشفق عليهم ويتوجع لهم وإن لم يخلِّصهم.
قال صاحب الكشاف: جمع (الشافع) لكثرة الشفعاء، ووحد (الصديق) لقلته. أهـ
ويجوز أن يراد بالصديق الجمع فإنه يطلق عليه لأنه على زنة المصدر أو لأنه نكرة في سياق النفي فتعم.
لو مستعملة في التمنى بدليل نصب قوله تعالى: ﴿فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ في جوابها.
والمعنى: فليت لنا رجعة إلى الدنيا فنكون من المؤمنين فلا ينالنا إذا متنا فبعثنا مثل ما نحن فيه من العذاب الذي لا ينفع فيه أحد - ليت لنا عودة إلى الدنيا مرة أخرى فنصحح خطأنا ونحطم أصنامنا ونعبد ربنا ونكون من المؤمنين به وحده، فإذا كان البعث قربت لنا الجنة وشفع لنا الملائكة والأنبياء وكان إلى جوارنا الأصدقاءُ والأخلاء.
قال الزمخشرى: وما أحسن ما رتب إبراهيم ﵇ كلامه مع المشركين حيث سألهم أولًا عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم، ثم أنحى على آلهتهم فأبطل أمرها