إِنكار ونفى لأن يتركوا مخلدين في نعيمهم لا يزالون عنه، أو تذكير بالنقمة إذا تخلى الله عنهم، فقضى على مما يتنعمون به من الجنات وما هم فيه من الأمن والدعة.
والمعنى: أتظنون أن تتركوا في دياركم هذه آمنين في حدائق مثمرات، وعيون جاريات بالماء الفرات، وزروع يانعات، ونخل ثمرها لين نضيج، وتتخذون من الجبال بيوتًا حاذقين في نحتها منها، متفاخرين بها، أتتركون في ذلك آمنين من نقم الله، وأنتم مقيمون على الكفر والمعاصي؟!
١٥٠ - ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٠٨)﴾:
أي: فأقبلوا على تقوى الله وطاعتي فيما آمركم به عن الله؛ فإن ذلك هو الذي يعود نفعه عليكم في دنياكم وأُخراكم، فيه تبقى النعم، وتبعد النقم، وتحسن العاقبة يوم يقوم الناس لرب العالمين.
ولا تطيعوا أمر زعمائكم الذين أسرفوا على أنفسهم بالترف وإتباع الشهوات والإغراق في الكفر والضلال، الذين يعيثون في الأرض فسادًا، ولا يصلحون في شئون البلاد والعباد.
قال قوم صالح ردًّا على وعظه ونصائحه: ما أنت إلا من الذين سُحروا كثيرًا حتى غلب السحر على عقولهم - وبه قال مجاهد وقتادة. أو من المخلوقين الذين لهم سَحْر، أي: رئة، يَعْنُون أنَّه من بني آدم مثلهم ولا فضل له عليهم، وبه قال ابن عباس، واستشهد بعضهم على هذا بقول الشاعر:
فإِن تسأَلينا ممَّ نحن؟ فإِننا … عصافير من هذا الأنام المُسَحَّر